نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة إبراهيم آية 49
وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ

التفسير الميسر وتُبْصِرُ -أيها الرسول- المجرمين يوم القيامة مقيدين بالقيود، قد قُرِنت أيديهم وأرجلهم بالسلاسل، وهم في ذُلٍّ وهوان.

تفسير الجلالين
49 - (وترى) يا محمد تبصر (المجرمين) الكافرين (يومئذ مقرنين) مشدودين مع شياطينهم (في الأصفاد) القيود أو الأغلال

تفسير القرطبي
قوله تعالى {يوم تبدل الأرض غير الأرض} أي اذكر يوم تبدل الأرض، فتكون متعلقة بما قبله.
وقيل : هو صفة لقول {يوم يقوم الحساب} [إبراهيم : 41].
واختلف في كيفية تبديل الأرض، فقال كثير من الناس : إن تبدل الأرض عبارة عن تغير صفاتها، وتسوية آكامها، ونسف جبالها، ومد أرضها؛ ورواه ابن مسعود رضي الله عنه؛ خرجه ابن ماجة في سننه وذكره ابن المبارك من حديث شهر بن حوشب، قال حدثني ابن عباس قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا؛ وذكر الحديث.
وروي مرفوعا من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تبدل الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في الثانية في مثل مواضعهم من الأولى من كان في بطنها ففي بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها) ذكره الغزنوي.
وتبديل السماء تكوير شمسها وقمرها، وتناثر نجومها؛ قال ابن عباس.
وقيل : اختلاف أحوالها، فمرة كالمهل ومرة كالدهان؛ حكاه ابن الأنباري؛ وقد ذكرنا هذا الباب مبينا في كتاب [التذكرة] وذكرنا ما للعلماء في ذلك، وأن الصحيح إزالة هذه الأرض حسب ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
روى مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه حبر من أحبار اليهود فقال : السلام عليك؛ وذكر الحديث، وفيه : فقال اليهودي أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (في الظلمة دون الجسر).
وذكر الحديث.
وخرج عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله{يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} فأين الناس يومئذ؟ قال : (على الصراط).
خرجه ابن ماجة بإسناد مسلم سواء، وخرجه الترمذي عن عائشة وأنها هي السائلة، قال : هذا حديث حسن صحيح؛ فهذه الأحاديث تنص على أن السماوات والأرض تبدل وتزال، ويخلق الله أرضا أخرى يكون الناس عليها بعد كونهم على الجسر.
وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد).
وقال جابر : سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قول الله عز وجل {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال : تبدل خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة، ثم قرأ {وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام}[الأنبياء : 8].
وقال ابن مسعود : إنه تبدل بأرض غيرها بيضاء كالفضة لم يعمل عليها خطيئة.
وقال ابن عباس : بأرض من فضة بيضاء.
وقال علي رضي الله عنه : تبدل الأرض يومئذ من فضة والسماء من ذهب وهذا تبديل للعين، وحسبك.
{وبرزوا لله الواحد القهار} أي من قبورهم، وقد تقدم.
قوله تعالى ‏{‏وترى المجرمين‏}‏ وهم المشركون‏.
‏ {‏يومئذ‏}‏ أي يوم القيامة‏.
‏ ‏{‏مقرنين‏}‏ أي مشدودين ‏{‏في الأصفاد‏}‏ وهي الأغلال والقيود، وأحدها صفد وصفد‏.
‏ ويقال‏:‏ صفدته صفدا أي قيدته والاسم الصفد، فإذا أردت التكثير قلت‏:‏ صفدته تصفيدا؛ قال عمرو بن كلثوم‏:‏ فآبوا بالنهاب وبالسبايا ** وأبنا بالملوك مصفدينا أي مقيدينا‏.
‏ وقال حسان‏:‏ من كل مأسور يشد صفاده ** صقر إذا لاقى الكريهة حام أي غله، وأصفدته إصفادا أعطيته‏.
‏ وقيل‏:‏ صفدته وأصفدته جاريان في القيد والإعطاء جميعا؛ قال النابغة‏:‏ فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد ** فالصفد العطاء؛ لأنه يقيد ويعبد، قال أبو الطيب‏:‏ وقيدت نفسي في ذراك محبة ** ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا قيل‏:‏ يقرن كل كافر مع شيطان في غل، بيانه قوله‏ {‏احشروا الذين ظلموا وأزواجهم‏}[‏الصافات‏:‏ 22‏]‏ يعني قرناءهم من الشياطين‏.
‏ وقيل‏:‏ إنهم الكفار يجمعون في الأصفاد كما اجتمعوا في الدنيا على المعاصي‏.
‏ قوله تعالى‏ {‏سرابيلهم من قطران‏}‏ أي قميصهم، عن ابن دريد وغيره، واحدها سربال، والفعل تسربلت وسربلت غيري؛ قال كعب بن مالك‏:‏ تلقاكم عصب حول النبي لهم ** من نسج داود في الهيجا سرابيل ‏{‏من قطران‏}‏ يعني قطران الإبل الذي تهنأ به؛ قال الحسن‏.
‏ وذلك أبلغ لاشتعال النار فيهم‏.
‏ وفي الصحيح‏:‏ أن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب‏.
‏ وروي عن حماد أنهم قالوا‏:‏ هو النحاس‏.
‏ وقرأ عيسى بن عمر‏{‏قطران‏}‏ بفتح القاف وتسكين الطاء‏.
‏ وفيه قراءة ثالثة‏:‏ كسر القاف وجزم الطاء؛ ومنه قول أبي النجم‏:‏ جون كان العرق المنتوحا ** لبسه القطران والمسوحا وقراءة رابعة‏ {‏من قطر آن‏}‏ رويت عن ابن عباس وأبي هريرة وعكرمة وسعيد بن جبير ويعقوب؛ والقطر النحاس والصفر المذاب؛ ومنه قوله تعالى‏ {‏آتوني أفرغ عليه قطرا‏}[‏الكهف‏:‏ 96‏]‏‏.
‏ والآن‏:‏ الذي قد انتهى إلى حره؛ ومنه قوله تعالى‏ {‏وبين حميم آن‏}‏‏.
‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ 44‏]‏‏.
‏ ‏{‏وتغشى وجوههم النار‏}‏ أي تضرب ‏{‏وجوههم النار‏}‏ فتغشيها‏.
‏ قوله تعالى‏ {‏ليجزي الله كل نفس ما كسبت‏}‏ أي بما كسبت‏.
‏ {‏إن الله سريع الحساب‏}‏ تقدم‏.
‏ قوله تعالى‏ {‏هذا بلاغ للناس‏}‏ أي هذا الذي أنزلنا إليك بلاغ؛ أي تبليغ وعظة‏.
‏ ‏{‏ولينذروا به‏}‏ أي ليخوفوا عقاب الله عز وجل، وقرئ‏‏ ‏{‏ولينذروا‏}‏ بفتح الياء والذال، يقال‏:‏ نذرت بالشيء أنذر إذا علمت به فاستعددت له، ولم يستعملوا منه مصدرا كما لم يستعملوا من عسى وليس، وكأنهم استغنوا بأن والفعل كقولك‏:‏ سرني أن نذرت بالشيء‏.
‏ ‏{‏وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب‏}‏ أي وليعلموا وحدانية الله بما أقام من الحجج والبراهين‏.
‏ ‏{‏وليذكر أولو الألباب‏}‏ أي وليتعظ أصحاب العقول‏.
‏ وهذه اللامات في ‏{‏ولينذروا‏}‏ ‏{‏وليعلموا‏}‏ ‏{‏وليذكر‏}‏ متعلقة بمحذوف، التقدير‏:‏ ولذلك أنزلناه‏.
‏ وروي يمان بن رئاب أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه‏.
‏ وسئل بعضهم هل لكتاب الله عنوان‏؟‏ فقال‏:‏ نعم؛ قيل‏:‏ وأين هو‏؟‏ قال قوله تعالى‏ {‏هذا بلاغ للناس ولينذروا به‏}‏ إلى آخرها‏.
‏ تم تفسير سورة إبراهيم عليه السلام والحمد لله‏.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} وتبرز الخلائق لديَّانها ترى يا محمد يومئذ المجرمين وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم، {مقرنين} أي بعضهم إلى بعض قد جمع بين النظراء أو الأشكال منهم كل صنف إلى صنف، كما قال تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم}، وقال: {وإذا النفوس زوجت}، وقال: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا}، وقال: {والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد} والأصفاد هي القيود قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والأعمش وعبد الرحمن بن زيد ، قال عمرو بن كلثوم: فآبوا، بالثياب وبالسبايا ** وأبنا بالملوك مصفدينا وقوله تعالى: {سرابيلهم من قطران} أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران، وهو الذي تهنأ به الإبل، أي تطلى، قال قتادة: وهو ألصق شيء بالنار، وكان ابن عباس يقول: القطران هو النحاس المذاب وهو مروي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة ، أي من نحاس حار قد انتهى حره، وقوله: {وتغشى وجوههم النار}، كقوله: {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون}، وقال الإمام أحمد، عن أبي مالك الأشعري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن بالأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها؛ تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) ""أخرجه مسلم والإمام أحمد في المسند""، وقوله: {ليجزي اللّه كل نفس ما كسبت} أي يوم القيامة {ليجزي الذين أساءوا بما عملوا} الآية، {إن اللّه سريع الحساب} يحتمل أن يكون كقوله تعالى: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} ويحتمل أنه في حال محاسبة لعبده سريع النجاز، لأنه يعلم كل شيء ولا يخفى عليه خافية، وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم، كقوله تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة}، وهذا معنى قول مجاهد: {سريع الحساب} إحصاءً، ويحتمل أن يكون المعنيان مرادين واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি