نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة مريم آية 79
كَلَّا ۚ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا

التفسير الميسر ليس الأمر كما يزعم ذلك الكافر، فلا علم له ولا عهد عنده، سنكتب ما يقول مِن كذب وافتراء على الله، ونزيده في الآخرة من أنواع العقوبات، كما ازداد من الغيِّ والضلال.

تفسير الجلالين
79 - (كلا) أي لا يؤتى ذلك (سنكتب) نأمر بكتب (ما يقول ونمد له من العذاب مدا) نزيده بذلك عذابا فوق عذاب كفره

تفسير القرطبي
قوله تعالى{أفرأيت الذي كفر بآياتنا} روى الأئمة واللفظ لمسلم عن خباب قال كان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال لي لن أقضيك حتى تكفر بمحمد قال : قلت له لن أكفر به حتى تموت ثم تبعث قال وإني لمبعوث من بعد الموت؟ ! فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مال وولد.
قال وكيع : كذا قال الأعمش؛ فنزلت هذه الآية{أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا }إلى قوله {ويأتينا فردا} في رواية قال كنت قينا في الجاهلية فعملت للعاص بن وائل عملا، فأتيته أتقاضاه خرجه البخاري أيضا وقال الكلبي ومقاتل : كان خباب قينا فصاغ للعاص حليا ثم تقاضاه أجرته فقال العاص ما عندي اليوم ما أقضيك فقال خباب لست بمفارقك حتى تقضيني فقال العاص يا خباب ما لك؟ ! ما كنت هكذا، وأن كنت لحسن الطلب.
فقال خباب : إني كنت على دينك فأنا اليوم على دين الإسلام مفارق لدينك، قال أو لستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا؟ قال خباب : بلى قال فأخرني حتى أقضيك في الجنة - استهزاء فوالله لئن كان ما تقول حقا إني لأقضيك فيها، فو الله لا تكون أنت يا خباب وأصحابك أولى بها مني، فأنزل الله تعالى {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} يعني العاص بن وائل الآيات {أطلع الغيب} قال ابن عباس : (أنظر في اللوح المحفوظ) ؟ ! وقال مجاهد : أعلم الغيب حتى يعلم أفي الجنة هو أم لا؟ ! {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} قال قتادة والثوري أي عملا صالحا وقيل هو التوحيد وقيل هو من الوعد وقال الكلبي عاهد الله تعالى أن يدخله الجنة {كلا} رد عليه أي لم يكن ذلك لم يطلع الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهدا وتم الكلام عند قول {كلا} وقال الحسن إن الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة والأول أصح لأنه مدون في الصحاح وقرأ حمزة والكسائي {وولدا} بضم الواو، والباقون بفتحها.
واختلف في الضم والفتح على وجهين : أحدهما : أنهما لغتان معناهما واحد يقال ولد وولد كما يقال عدم وعدم وقال الحرث بن حلزة : ولقد رأيت معاشرا ** قد ثمروا مالا وولدا وقال آخر : فليت فلانا كان في بطن أمه ** وليت فلانا كان ولد حمار والثاني : أن قيسا تجعل الولد بالضم جمعا والولد بالفتح واحدا قال الماوردي وفي قوله تعالى {لأوتين مالا وولدا} وجهان أحدهما أنه أراد في الجنة استهزاء بما وعد الله تعالى على طاعته وعبادته؛ قاله الكلبي.
الثاني : أنه أراد في الدنيا وهو قول الجمهور وفيه وجهان محتملان أحدهما إن أقمت على دين آبائي وعبادة آلهتي لأوتين مالا وولدا الثاني : ولو كنت على باطل لما أوتيت مالا وولدا.
قلت : قول الكلبي أشبه بظاهر الأحاديث بل نصها يدل على ذلك قال مسروق سمعت خباب بن الأرت يقول جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقا عنده فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد فقلت لا حتى تموت ثم تبعث قال وإني لميت ثم مبعوث ؟! فقلت نعم فقال إن لي هناك مالا وولدا فأقضيك فنزلت هذه الآية قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح قوله تعالى{أطلع الغيب} ألفه ألف استفهام لمجيء {أم} بعدها ومعناه التوبيخ وأصله أأطلع فحذفت الألف الثانية لأنها ألف وصل فإن قيل فهلا أتوا بمدة بعد الألف فقالوا آطلع كما قالوا {الله خير} {آلذكرين حرم} قيل له كان الأصل في هذا{أألله} {أألذكرين} فأبدلوا من الألف الثانية مدة ليفرقوا بين الاستفهام والخبر وذلك أنهم لو قالوا الله خير بلا مد لالتبس الاستفهام بالخبر ولم يحتاجوا إلى هذه المدة في قوله {أطلع} لأن ألف الاستفهام مفتوحة وألف الخبر مكسورة وذلك أنك تقول في الاستفهام أطلع؟ أفترى؟ أصطفى؟ أستغفرت؟ بفتح الألف، وتقول في الخبر : إطلع، إفترى، إصطفى، إستغفرت لهم بالكسر، فجعلوا الفرق بالفتح والكسر ولم يحتاجوا إلى فرق آخر قوله تعالى{كلا} ليس في النصف الأول ذكر {كلا} وإنما جاء ذكره في النصف الثاني وهو يكون بمعنيين أحدهما بمعنى حقا والثاني بمعنى لا فإذا كانت بمعنى حقا جاز الوقف على ما قبله ثم تبتدئ {كلا} أي حقا وإذا كانت بمعنى لا كان الوقف على {كلا} جائز كما في هذه الآية لأن المعنى لا ليس الأمر كذا ويجوز أن تقف عليه على قوله {عهدا} وتبتدئ {كلا} أي حقا {سنكتب ما يقول} وكذا قوله تعالى {لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا}[المؤمنون : 100] يجوز الوقف على {كلا} وعلى {تركت}.
وقوله {ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا} الوقف على {كل} لأن المعنى لا وليس الأمر كما تظن {فاذهبا} فليس للحق في هذا المعنى موضع وقال الفراء {كلا} بمنزلة سوف لأنها صلة وهي حرف رد فكأنها {نعم} و{لا} في الاكتفاء قال وإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها كقولك : كلا ورب الكعبة؛ لا تقف على كلا لأنه بمنزلة إي ورب الكعبة قال الله تعالى {كلا والقمر}[المدثر : 32] فالوقف على {كلا} قبيح لأنه صلة لليمين وكان أبو جعفر محمد بن سعدان يقول في {كلا} مثل قول الفراء وقال الأخفش معنى كلا الردع والزجر وقال أبو بكر بن الأنباري وسمعت أبا العباس يقول لا يوقف على {كلا} جميع القرآن لأنها جواب والفائدة تقع فيما بعدها والقول الأول هو قول أهل التفسير.
{سنكتب ما يقول} أي سنحفظ عليه قوله فنجازيه به في الآخرة {ونمد له من العذاب مدا} أي سنزيده عذابا فوق عذاب{ ونرثه ما يقول} أي نسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد وقال ابن عباس وغيره (نرثه المال والولد بعد إهلاكنا إياه) وقيل نحرمه ما تمناه في الآخرة من مال وولد ونجعله لغيره من المسلمين {ويأتينا فردا} أي منفردا لا مال له ولا ولد ولا عشيرة تنصره

تفسير ابن كثير روى الإمام أحمد، عن خباب بن الأرت قال: كنت رجلاً قيناً، وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه منه، فقال: لا واللّه لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا واللّه لا أكفر بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، حتى تموت ثم تبعث، قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثمَّ مال وولد فأعطيك، فأنزل اللّه {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا - إلى قوله - ويأتينا فردا} ""أخرجه الشيخان والإمام أحمد عن خباب بن الأرت""، وفي لفظ البخاري: كنت قيناً بمكة فعملت للعاص بن وائل سيفاً، فجئت أتقاضاه، فذكر الحديث وقال {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} قال: موثقاً. وروى عبد الرزاق، عن مسروق قال، قال خباب بن الأرت: كنت قيناً بمكة فكنت أعمل للعاص بن وائل، فاجتمعت لي عليه دارهم، فجئت لأتقاضاها، فقال لي: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فإذا بعثت كان لي مال وولد، قال: فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} الآيات. وقال ابن عباس: إن رجالاً من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل بدَيْن، فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى، قال: فإن موعدكم الآخرة فواللّه لأوتين مالاً وولداً، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به فضرب اللّه مَثَلَه في القرآن فقال: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا - إلى قوله - ويأتينا فردا}، وقوله: {لأوتين مالا وولدا}، قرأ بعضهم بفتح الواو من {ولدا} وقرأ آخرون بضمها وهو بمعناه، وقيل: إن الولد بالضم جمع، والولد بالفتح مفرد، وهي لغة قيس، واللّه أعلم. وقوله تعالى: {أطلع الغيب} إنكار على هذا القائل {لأوتين مالا وولدا} يعني يوم القيامة، أي أعلم ماله في الآخرة، حتى تألّى وحلف على ذلك {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} أم له عند اللّه عهد سيؤتيه ذلك؟ وقد تقدم عند البخاري أنه الموثق، وقال ابن عباس: {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} قال: لا إله إلا اللّه فيرجو بها، وقال القرظي: شهادة أن لا إله إلا اللّه، ثم قرأ {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا}، وقوله: {كلا} هي حرف ردع لما قبلها، وتأكيد لما بعدها {سنكتب ما يقول} أي من طلبه ذلك، وحكمه بنفسه، بما يتمناه وكفره باللّه العظيم، {ونمد له من العذاب مدا} أي في الدار الآخرة على قوله ذلك وكفره باللّه في الدنيا، {ونرثه ما يقول} أي من مال وولد، نسلبه منه عكس ما قال إنه يؤتى في الدار الآخرة مالاً وولداً، زيادة على الذي له في الدنيا، بل في الآخرة يسلب من الذي كان له في الدنيا، ولهذا قال تعالى: {ويأتينا فردا} أي من المال والولد، قال مجاهد {ونرثه ما يقول}: ماله وولده، وقال قتادة {ونرثه ما يقول} قال: ما عنده، وهو قوله: {لأوتين مالا وولدا} {ويأتينا فردا} لا مال له ولا ولد، وقال عبد الرحمن بن زيد {ونرثه ما يقول} قال: من جمع من الدنيا وما عمل فيها، {ويأتينا فردا} قال: فرداً من ذلك لا يتبعه قليل ولا كثير.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি