نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الحجرات آية 6
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ

التفسير الميسر يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن جاءكم فاسق بخبر فتثبَّتوا من خبره قبل تصديقه ونقله حتى تعرفوا صحته؛ خشية أن تصيبوا قومًا برآء بجناية منكم، فتندموا على ذلك.

تفسير الجلالين
6 - (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ) خبر (فتبينوا) صدقه من كذبه وفي قراءة فتثبتوا من الثبات (أن تصيبوا قوما) مفعوله أي خشية ذلك (بجهالة) حال من الفاعل أي جاهلين (فتصبحوا) تصيروا (على ما فعلتم) من الخطأ بالقوم (نادمين) وأرسل صلى الله عليه وسلم إليهم بعد عودهم إلى بلادهم خالدا فلم ير فيهم إلا الطاعة والخير فأخبر النبي بذلك

تفسير القرطبي
فيه سبع مسائل: الأولى: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} قيل : إن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط.
وسبب ذلك ما رواه سعيد عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة مصدقا إلى بني المصطلق، فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم - في رواية : لإحنة كانت بينه وبينهم - ، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام.
فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت ولا يعجل، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلا، فبعث عيونه فلما جاؤوا أخبروا خالدا أنهم متمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه، فعاد إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت هذه الآية، فكان يقول نبي الله صلى الله عليه وسلم : (التأني من الله والعجلة من الشيطان).
وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى بني المصطلق بعد إسلامهم، فلما سمعوا به ركبوا إليه، فلما سمع بهم خافهم، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن القوم قد هموا بقتله، ومنعوا صدقاتهم.
فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزوهم، فبينما هم كذلك إذ قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله، سمعنا برسولك فخرجنا إليه لنكرمه، ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة، فاستمر راجعا، وبلغنا أنه يزعم لرسول الله أنا خرجنا لنقاتله، والله ما خرجنا لذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وسمي الوليد فاسقا أي كاذبا.
قال ابن زيد ومقاتل وسهل بن عبدالله : الفاسق الكذاب.
وقال أبو الحسن الوراق : هو المعلن بالذنب.
وقال ابن طاهر : الذي لا يستحي من الله.
وقرأ حمزة والكسائي {فتثبتوا} من التثبت.
الباقون {فتبينوا} من التبيين {أن تصيبوا قوما} أي لئلا تصيبوا، فـ {أن}في محل نصب بإسقاط الخافض.
{بجهالة}أي بخطأ.
{فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} على العجلة وترك التأني.
الثانية: في هذه الآية دليل على قبول خبر الواحد إذا كان عدلا، لأنه إنما أمر فيها بالتثبت عند نقل خبر الفاسق.
ومن ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعا، لأن الخبر أمانة والفسق قرينة يبطلها.
وقد استثنى الإجماع من جملة ذلك ما يتعلق بالدعوى والجحود، وإثبات حق مقصود على الغير، مثل أن يقول : هذا عبدي، فإنه يقبل قوله.
وإذا قال : قد أنفذ فلان هذا لك هدية، فإنه يقبل ذلك.
وكذلك يقبل في مثله خبر الكافر.
وكذلك إذا أقر لغيره بحق على نفسه فلا يبطل إجماعا.
وأما في الإنشاء على غيره فقال الشافعي وغيره : لا يكون وليا في النكاج.
وقال أبو حنيفة ومالك : يكون وليا، لأنه يلي مالها فيلي بضعها.
كالعدل، وهو وإن كان فاسقا في دينه إلا أن غيرته موفرة وبها يحمي الحريم، وقد يبذل المال ويصون الحرمة، وإذا ولي المال فالنكاج أولى.
الثالثة: قال ابن العربي : ومن العجب أن يجوز الشافعي ونظراؤه إمامة الفاسق.
ومن لا يؤتمن على حبة مال كيف يصح أن يؤتمن على قنطار دين.
وهذا إنما كان أصله أن الولاة الذين كانوا يصلون بالناس لما فسدت أديانهم ولم يمكن ترك الصلاة وراءهم، ولا استطيعت إزالتهم صلي معهم ووراءهم، كما قال عثمان : الصلاة أحسن ما يفعل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم.
ثم كان من الناس من إذا صلى معهم تقية أعادوا الصلاة لله، ومنهم من كان يجعلها صلاته.
وبوجوب الإعادة أقول، فلا ينبغي لأحد أن يترك الصلاة من لا يرضى من الأئمة، ولكن يعيد سرا في نفسه، ولا يؤثر ذلك عند غيره.
الرابعة: وأما أحكامه إن كان واليا فينفذ منها ما وافق الحق ويرد ما خالفه، ولا ينقض حكمه الذي أمضاه بحال، ولا تلتفتوا إلى غير هذا القول من رواية تؤثر أو قول يحكى، فإن الكلام كثير والحق ظاهر.
الخامسة: لا خلاف في أنه يصح أن يكون رسولا عن غيره في قول يبلغه أو شيء يوصله، أو إذن يعلمه، إذا لم يخرج عن حق المرسل، والمبلغ، فإن تعلق به حق لغيرهما لم يقبل قوله.
وهذا جائز للضرورة الداعية اليه، فإنه لو لم يتصرف بين الخلق في هذه المعاني إلا العدول لم يحصل منها شيء لعدمهم في ذلك.
والله أعلم.
السادسة: وفي الآية دليل على فساد.
من قال : إن المسلمين كلهم عدول حتى تثبت الجرحة، لأن الله تعالى أمر بالتثبت قبل القبول، ولا معنى للتثبت بعد إنفاذ الحكم، فإن حكم الحاكم قبل التثبت فقد أصاب المحكوم عليه بجهالة.
السابعة: فإن قضى بما يغلب على الظن لم يكن ذلك عملا بجهالة، كالقضاء بالشاهدين العدليين، وقبول قول العالم المجتهد.
وإنما العمل بالجهالة قبول قول من لا يحصل غلبة الظن بقبوله.
ذكر هذه المسألة القشيري، والذي قبلها المهدوي.

تفسير ابن كثير يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له، وقد نهى اللّه عزَّ وجلَّ عن اتباع سبيل المفسدين، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال، لاحتمال فسقه في نفس الأمر، وقبلها آخرون، وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين بعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على صدقات بني المصطلق، وقد روي ذلك من طرق‏: قال الإمام أحمد، عن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي رضي اللّه عنه قال: قدمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، وقلت: يا رسول اللّه أرجع إليهم، فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إليّ يا رسول اللّه رسولاً إبَّان كذا وكذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له، وبلغ الإبان الذي أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يبعث إليه، احتبس عليه الرسول ولم يأته، وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من اللّه تعالى ورسوله، فدعا بسروات قومه، فقال لهم: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان وقّت لي وقتاً يرسل إليَّ رسوله، ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه، فانطلقوا بنا نأتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق - أي خاف - فرجع حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إن الحارث قد منعني الزكاة وأراد قتلي، فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وبعث البعث إلى الحارث رضي اللّه عنه، وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث، فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال رضي اللّه عنه: لا والذي بعث محمداً صلى اللّه عليه وسلم بالحق ما رأيته بتة، ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، خشيت أن يكون كونت سخطة من اللّه تعالى ورسوله، قال: فنزلت الحجرات: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ - إلى قوله - حكيم} "أخرجه الإمام أحمد وابن أبي حاتم والطبراني". وروى ابن جرير، عن أُم سلمة رضي اللّه عنها قالت: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلاً في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة، فسمع بذلك القوم، فتلقوه يعظمون أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالت، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت، فرجع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: إن بني المصطلق قد منعوني صدقاتهم، فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والمسلمون، قالت: فبلغ القوم رجوعه، فأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فصفوا له حين صلى الظهر، فقالوا: نعوذ باللّه من سخط اللّه وسخط رسوله، بعثت إلينا رجلاً مصدقاً فسررنا بذلك، وقرت به عيننا، ثم إنه رجع من بعض الطريق، فخشينا أن يكون ذلك غضباً من اللّه تعالى ومن رسوله صلى اللّه عليه وسلم، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال رضي اللّه عنه، فأذن بصلاة العصر، قالت: ونزلت: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}؟ "أخرجه ابن جرير من حديث أُم سلمة". وقال مجاهد وقتادة: أرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليصدقهم، فتلقوه بالصدقة فرجع، فقال: إن بني المصطلق قد جمعت لك لتقاتلك، زاد قتادة: وإنهم قد ارتدوا عن الإسلام، فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خالد بن الوليد رضي اللّه عنه إليهم، وأمره أن يتثبت ولا يعجل، فانطلق حتى أتاهم ليلاً. فبعث عيونه، فلما جاءوا أخبروا خالداً رضي اللّه عنه أنهم مستمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا أتاهم خالد رضي اللّه عنه فرأى الذي يعجبه، فرجع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبره الخبر، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية. وكذا ذكر غير واحد من السلف، أنها نزلت في الوليد بن عقبة ، واللّه أعلم. وقوله تعالى: {واعلموا أن فيكم رسول اللّه} أي اعلموا أن بين أظهركم رسول اللّه، فعظّموه ووقّروه وتأدّبوا معه وانقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم، {لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنّتم} أي لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدى ذلك إلى عنتكم وحرجكم، كما قال سبحانه: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن}، وقوله عزَّ وجلَّ: {ولكنَّ اللّه حبّب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم} أي حببه إلى نفوسكم، وحسّنه في قلوبكم، وعن أنَس رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (الإسلام علانية والإيمان في القلب) ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات ثم يقول: (التقوى ههنا، التقوى ههنا) أخرجه الإمام أحمد {وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان} أي وبغض إليكم الكفر والفسوق وهي الذنوب الكبار، والعصيان وهي جميع المعاصي وهذا تدريج لكمال النعمة، وقوله تعالى: {أولئك هم الراشدون} أي المتصفون بهذه الصفة هم الراشدون الذين قد آتاهم اللّه رشدهم، عن أبي رفاعة الزرقي، عن أبيه قال: لما كان يوم أُحُد وانكفأ المشركون قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (استووا حتى أثني على ربي عزَّ وجلَّ) فصاروا خلفه صفوفاً، فقال صلى اللّه عليه وسلم: (اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم، الذي لا يحول ولا يزول، اللهم أسألك النعيم يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا، ومن شر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذِّبون رسلك، ويصدُّون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أُوتوا الكتاب إله الحق) "أخرجه الإمام أحمد والنسائي" وفي الحديث المرفوع: (من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن) ثم قال: {فضلاً من اللّه ونعمة} أي هذا العطاء الذي منحكموه، هو فضل منه عليكم، ونعمة من لدنه {واللّه عليم حكيم} أي عليم بمن يستحق الهداية، ممن يستحق الغواية، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি