الباب الثاني : رؤيا الأنبياء والمرسلين عموما ورؤيا محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا

سمعت أبا بكر أحمد بن الحسين بن مهر أن المقري قال اشتريت جارية أحسبها تركية ولن تكن تعرف لساني ولا أعرف لسانها وكان لأصحابي جوار يترجمن عنها قال فكانت يوماً من الأيام نائمة فانتهت وهي تبكي وتصيح وتقول يا مولاي علمني فاتحة الكتاب فقلت في نفسي انظر إلى خبسها
تعرف لساني ولا تكلمني به فاجتمع جواري أصحابي وقلن لها لم تكوني تعرفين لسانه والساعة كيف تكلّمينه فقالت الجارية إني رأيت في منامي رجلاً غضبان وخلفه قوم كثير وهو يمشي فقلت من هذا فقالوا موسى عليه السلام ثم رأيت رجلاً أحسن منه ومعه قوم وهو يمشي فقلت من هذا فقالوا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت أنا أذهب مع هذا فجاء إلى باب كبير وهو باب الجنة فدق ففتح له ولمن معه ودخلوا وبقيت أنا وامرأتان فدققنا الباب ففتح وقيل من يحسن أن يقرأ فاتحة الكتاب يؤذن لها فقرأتاها فأذن لهما وبقيت أنا فعلمني فاتحة الكتاب فعلمتها مع مشقة كبيرة فلما حفظتها سقطت ميتة (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه اللهّ) رؤيا الأنبياء صلوِات الله عليهم أحد شيئين إما بشارة وإما إنذار ثم هي ضربان أحدهما أن يرى نبياً على حالته وهيئته فذلك دليل على صلاح صاحب الرؤيا وعزه وكمال جاهه وظفره بمن عاداه والثاني يراه متغير الحال عابس الوجه فذلك يدل على سوء حاله وشدة معصيته ثم يفرج الله عن أخيراً فإن رأى كأنّه قتل نبياً دل على أنه يخون في الأمانة وينقض العهد لقوله تعالى {فبمَا نقضِهِم ميثَاقَهًمْ وكُفْرِهِمْ بِآياتِ الله وَقَتْلِهِم الأنْبياءَ بِغَيْرِ حَق} . هذا على الجملة وأما على التفصيل فإن رأى آدم عليه السلام على هيئته نال ولاية عظيمة إن كان أهلا لها
لقوله تعالى {إنِّي جَاعِلٌ في الأرض خليفةً} . فإن رأى أنّه كلمه نال علمه لقوله تعالى {وَعًلّمَ آدم الأسماء كُلّها} . وقيل إن (من رأى) آدم اْغترّ بقول بعض أعدائه ثم فرج عنه بعد مدة فإن رأى متغير اللون والحال دل ذلك على انتقال من مكان إلى مكان ثم على العود إلى المكان الأول أخيراً
(ومن رأى) شيثا عليه السلام نال أموالاً وأولاداً وعيشة راضية
(ومن رأى) إدريس أكرم بالورع وختم له بخير
(ومن رأى) نوحاً عليه السلام طال عمره وكثر بلاؤه من أعدائه ثم رزق الظفر بهم وكثر شكره لله تعالى لقوله تعالى {إنّهً كانَ عَبْداً شَكُوراً} . وتزوج امرأة دينية فولدت له أولاداً
(ومن رأى) هوداً عليه السلام تسفه عليه أعداؤه وتسلطوا على ظلمه ثم رزق الظفر بهم وكذا (من رأى) إبراهيم عليه السلام رزق الحج إن شاء الله وقيل أنه يصيبه أذى شديد من سلطان ظالم ثم ينصره الله تعالى عليه وعلى أعدائه ويكثر الله النعمة ويرزقه زوجة صالحة وقيل أنّ رؤية إبراهيم عليه السلام عقوق الأب وحكي أنّ سماك بن حرب كف فرأى في منامه كأن إبراهيم عليه السلام مسح على عينيه وقال إئت الفرات فاغتمس فيه يرد الله عليك بصرك فلما انتبه فعل ذلك فأبصر
(ومن رأى) إسحاق عليه السلام أصابه شدة من بعض الكبراء أو الأقرباء ثم يفرج الله
عنه ويرزق عزا وشرفا وبشارة ويكثر الملوك والرؤساء والصالحون من نسله هذا إذا رآه على جماله وكمال حاله فإن رآه متغير الحال ذهب بصره نعو بالله
(ومن رأى) إسماعيل عليه السلام رزق السياسة والفصاحة وقيل إنّه يتخذ مسجداً أو يعين عليه لقوله تعالى {وإذْ يرفعُ إبراهيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإسْماعِيل} . وقيل إن من رآه أصابه جهد من جهة أبيه ثم يسهل الله ذلك عليه
(ومن رأى) يعقوب عليه السلام أصابه حزن عظيم من جهة بعض أولاده ثم يكشف الله تعالى ذلك عنه ويؤتيه محبوبه
(ومن رأى) يوسف عليه السلام فإنّه يصيبه ظلم وحبس وجفاء من أقربائه ويرمى بالبهتان ثم يؤتى ملكاً وتخضع له الأعداء فقد قيل في التعبير أنّ الأخ عدو وهذه دليل على كثرة صدقة صاحبها لقوله تعالى {وتَصَدّقْ عَلينا} . وقد حكي أن بعض الناس رأى كأن عليه الْسلام ناوله إحدى خفيه فانتبه وقد صار معبراً وحكي أنّ إبراهيِم بن عبد الله الكرماني رأى كأنّ يوسف عليه السلام كلّمه فقال له علمني مما علمك الله فكساه قميص نفسه فاستيقظ وهو أحد المعبرين وعن ابن سيرين رأيت في المنام كأني دخلت الجامع فإذا أنا بمشايخ ثلاثة وشاب حسن الوجه إلى جانبهم فقلت للشاب من أنت رحمك اللهّ قال أنا يوسف قلت فهؤلاء المشيخة قال آبائي إبراهيم وإسحاق
ويعقوب فقلت علمني مما علمك اللهّ قال ففتح فاه وقال انظر ماذا ترى فقلت أرى لسانك ثم فتح فاه فقال انظر ماذا ترى فقلت لهاتك ث مفتح فاه فقال انظر ماذا ترى قلت أرى قلبك فقال عبر ولا تخف فأصبحت وما قصت علي رؤيا إلا وكأني أنظر إليها في كفّي
(ومن رأى) يونس عليه السلام فإنّه يستعجل في أمر يورثه ذلك حبسآَ وضيقآَ ثم ينجيه الله تعالى وهذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يسرع الغضب والرضا ويكون بينه وبين قوم خائنين معاملة
(ومن رأى) شعبيا عليه السلام مقشعراً فإنّه يذهب بصره فإن رآه على غير تلك الحالة فإنه يبخسه قوم حقه عليهم ويظلمونه ثم يقهرهم وربما دلت هذه الرؤيا على أن صاحبها له بنات
(ومن رأى) موسى وهارون عليهما السلام أو أحدهما فإنه يهلك على يديه جبار ظالْم وإن رآهما وهو قاصد حرباً رزق الظفر وحكي أنّ جارية لسعيد بن المسيب رأت كأنّ موسى عليه السلام ظهر بالشام وبيده عصا وهو يمشي على الماء فأخبرت سعيداً برؤياها قال إن صدقت رؤياك فقد مات عبد الملك بن مروان فقيل لْه بم علمت ذلك قال لأنّ الله تعالى بعث موسى ليقسم الجبارين وما أجد هنالك إلا عبد الملك بن مروان فكان كما قال
(ومن رأى) أيوب عليه السلام ابتلى في نفسه وماله وأهله وولده ثم يعوضه الله من كل ذلك ويضاعف له لقوله تعالى {ووهَبْنَا له
أهله ومثلهم معهم} .
(ومن رأى) داود عليه السلام على حالته أصاب سلطاناً وقوة وملكاً
(ومن رأى) سليمان عليه السلام رزق الملك والعلم والفقه فإن رآه ميتاً على منبر أو سرير فإنّه يموت خليفة أو أمير أو رئيس لا يعلم بموته إلا بعد مدة وقيل (من رأى) سليمان إنقاد له الولي والعدو وكثرت أسفار
(ومن رأى) زكريا عليه السلام رزق على كبر ولداً تقياً
(ومن رأى) يحيى عليه السلام وفق للعفة والتقوى والعصمة حتى يصير في ذلك واحد عصره
(ومن رأى) عيسى عليه السلام دلت رؤياه على أنّه رجل نفاع مبارك كثير الخير كثير السفر ويكرم بعلم الطب وبغير ذلك من العلوم (أخبرنا) الشريف أبو القاسم جعفر بن محمد قال حدثنا حمزة بن محمد الكناني قال أخبرنا أبو القاسم عيسى بن سليمان البغدادي قال حدثنا داود بن عمرو الضبي قال حدثنا موسى بن جعفر الرضا عن أبيه عن جده قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنهما رأيت عيسى ابن مريم عليه السلام في النوم فقلت يا روح الله إني أريد أن أنقش على خاتمي فما أنقش عليه قال إنقش عليه لا إله إلا الله الملك الحق المبين فإنّه يذهب الهم والغم وقيل إن رأت امرأة عيسى عليه السلام وهي حامل ولدت ابناً حكيماً
(ومن رأى) مريم بنت عمران فإنّه ينال جاهاً ورتبة منِ الناس ويظفر بجميع حوائجه وإن رأت
امرأة هذه الرؤيا وهي حامل أيضا ولدت أيضاَ ابناً حكيماً وإن افترى عليها برئت من ذلك وأظهر الله براءها
(ومن رأى) أنه يسجد لمريم فإنّه يكلم الملك ويجلس معه
(ومن رأى) دانيال الحكيم رزق حظاً وافراً وعلم الرؤيا وظفر بجبار بعد أن تصيبه منه شدة وقيل إنّه يصير أميراً أو وزيرا (وحكي) أنّ أبا عبد الله الباهلي رأى كأنه حمل دانيال على عاتقه فوضعه على جدار وحياه فكلمه وقال له أبشر فإنّك دخلت في جملة ورثة الأنبياء وصرت إماماً من جملة المعبرين
(ومن رأى) الخضر عليه السلام دل على ظهور الخصب والسعة بعد الجدوبة والأمن بعد الخوف وقال بعضهم (من رأى) كأن بعض الأنبياء ضربه نال مناه في الدنيا ديناً ودنيا
(ومن رأى) كأنه نفسه تحول نبياً معروفاً نالته الشدائد بقدر مرتبة ذلك النبي في البلاء ويكون آخر أمره الظفر أو يصير داعياً إلى الله سبحانه وتعالى
(رؤيا محمد المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (أخبرنا) أبو القاسم عمر بن محمد البصري بتنيس قال حدثنا علي بن مسافر قال أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال حدثني عمي قال أخبرني أبو بشر عن ابن شهاب قال أبو سلمة
بن عبد الرحمن أنّ أبا هريرة قال سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة فإنّ الشيطان لا يتمثل بي قال أبو قتادة قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول من رآني فقد رأى الحق
(وأخبرنا) أبو الحسن عبد الوهاب بن الحسن الكلابي بدمشق قال حدثني أبو أيوب سليمان بن محمد الخزاعي عن محمد بن المصفى الحمصي عن يحيى بن سعيد القطان عن سعيد بن مسلم عن أنس بن مالك أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال من رآني في المنام فلن يدخل النار
(وحدثنا) أبو بكر بن محمد بن أحمد بن محمد الأصفهاني بمكة حرسها الله تعالى في المسجد الحرام قال حدثنا أبو الحسن محمد بن سهل عن محمد بن المصفى عن بكر بن سعيد عن سعيد بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لن يدخل النار من رآني في المنام
(قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه) قد بعث الله محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمة للعالمين فطوبى لمن رآه في حياته فاتبعه وطوبى لمن يراه في منامه فإنّه إن رآه مديون قضى الله دينه وإن رآه مريض شفاه الله وإن رآه محارب نصره الله وإن رآه مسرور حج البيت وإن رُؤِيَ في أرض جدبة أخضبت أو في موضع قد فشا فيه الظلم بدل الظلم عدلاً أو في موضع مخوف أمن أهله هذا إذا رآه على هيئته وإن رآه
شاحب اللون مهزولاً أو ناقصاً بعض الجوارح فذلك يدل على وهن الدين في ذلك المكان وظهور البدعة وكذلك إن رأى كسوته رثة وإن رأى أنّه شرب دمه حباً له في خفية فإنّه يستشهد في الجهاد وإن رأى أنه شربه علانية دل على نفاقه ودخل في دم أهل بيته وأعان على قتلهم فإن رآه كأنه مريض فأفاق من مرضه فإنّ أهل ذلك المكان يصلحون بعد الفساد وإن رآه عليه السلام راكباً فإنّه يزور قبره راكباً وإن رآه راجلاً توجه إلى زيارته راجلاً وإن رآه قائماً استقام أمره وأمر إمام زمانه وإن رآه يؤذن في مكن خراب عمر ذلك المكان وإن رآه كأنّه يؤاكله فذلك أمر منه إياه بإيتاء زكاة ماله فإن رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مات فإنّه يموت من نسله واحد وإن رأى جنازته في بقعة حدثت في تلك البقعة مصيبة عظيمة فإن رأى أنه شيعِ جنازته حتى قبره فإنّه يميل إلى البدعة وإن رأى أنّه قد زار قبره أصاب مالاً عظيما وإن رأى كأنه ابن النبي وليس من نسله دلت رؤياه على خلوص إيمانه وإن رأى كأنه أبو النبي عليه السلام دل على وهن وضعف إيمانه ويقينه ورؤية الرجل الواحد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامه لا تخص بل تعم جماعة المسلمين
(روي) أنّ أم الفضل قالت لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رأيت في المنام كأن بضعة منِ جسدك قطعت فوضعت في حجري) . فقال خيراً رأيت تلد فاطمة
إن شاء الله غلاماً فيوضع في حجرك فولدت فاطمة الحسين عليهما السلام فوضع في حجرها وروي أنّ امرأة قالت يا رسول الله رأيت في المنام كأن بعض جسدك في بيتي قال: (تلد فاطمة غلاماً فترضعيه) . فولدت الحسين فأرضعته فإن رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعطاه شيئاً من مستحب متاع الدنيا أو طعام أو شراب فإنّه خير يناله بقدر ما أعطاه وإن كان ما أعطاه رديء الجوهر مثل البطيخ وغيره فإنّه ينجو من أمر عظيم إلا أنّه يقع به أذى وتعب فإن رأى أنّ عضواً من أعضائه عليه السلام عند صاحب الرؤيا قد أحرزه فإنه على بدعة في شرائعه قد استمسك بها دون سائر الشرائع من الإسلام وترك سواها دون سائر المسلمين
(سمعت) أبا الحسن علي بن محمد البغدادي بمشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: قال ابن أبي طيب الفقير كان بي طرش عشر سنين فأتيت المدينة وبت بين القبر والمنبر فرأيت نبي الله في المنام فقلت يا رسول الله أنت قلت من سأل لي الوسيلة وجبت له شفاعتي قال عافاك الله ما هكذا قلت ولكني قلت من سأل الوسيلة من عند الله وجبت لهل شفاعتي قال فذهب عني الطرش ببركة قوله عافاك اللهّ. وحكى عبد الله الجلاء قال دخلت مدينة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبي فاقة فتقدمت إلى قبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلمت عليه وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما ثم قلت يا رسول الله بي فاقة وأنا ضيفك ثم تنحيت
ونمت دون القبر فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء إليّ فقمت فدفع إلي رغيفاً فأكلت بعضه وانتبهت وفي يدي بعض الرغيف. وعن أبي الوفا القاري الهروي قال رأيت المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام بفرغانة سنة ستين وثلاثمائة وكنت أقرأ عند السلطان وكانوا لا يسمعون ويتحدثون فانصرفت إلى المنزل مغتماً فنمت فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنه تغير لونه فقال لي عليه السلام أتقرأ القرآن كلام الله عزّ وجلّ بين يدي قوم يتحدثون ولا يسمعون قراءتك لا تقرأ بعدها هذا إلا ما شاء اللهّ فانتبهت وأنا ممسك للسان أربعة أشهر فإذا كانت لي حاجة أكتبها على الرقاع فحضرني أصحاب الحديث وأصحاب الرأي فأفتوا بأني آخر الأمر أتكلم فإنّه قال إلا ما شاء الله وهو استثناء فنمت بعد أربعة أشهر في الموضع الذي كنت نمت فيه أولاً فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام يتهلل وجهه فقال لي قد تبت قلت نعم يا رسول الله قال من تاب تاب الله عليه أخرج لسانك فمسح لساني بسبابته وقال إذا كنت بين يدي قوم تقرأ كتاب اللهّ فاقطع قراءتك حتى يسمعوا كلام الله فانتبهت وقد انفتح لساني بحمد الله. ومنه ما حكي أن رجلا من المياسير مرض فرأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة كأنّه يقول له إن أردت العافية من مرضك فخذ لا ولا فلما
استيقظ بعث إلى سفيان الثوري رضي الله عنه بعشرة آلف درهم وأمره أن يفرقها على الفقراء وسأله عن تعبير الرؤيا فقال معنى قوله لا ولا الزيتونة فإنّ الله تعالى وصفها في كتابه فقال {لا شرقية ولا غربية} وفائدة مالك ارتفاق الفقراء بك قال فتداوى بالزيتون فوهب الله له العافية ببركة استعماله أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعظيمه رؤياه وبلغنا أن رجلا أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام فشكا إليه ضيق حاله فقال له اذهب إلى عيسى وقل له يدفع إليك ما تصلح به أمرك فقال يا رسول الله بأي علامة قال قل له بعلامة إنّك رأيتني على البطحاء وكنت على نشز من الأرض فنزلت وجئتني فقلت ارجع إلى مكانك قال وكان علي بن عيسى قد عزل فردت إليه الوزارة فلما انتبه جاء إلى علي بن عيسى وهو يومئذٍ وزير فذكر قصته فقال صدقت فدفع إليه أربع مائة دينار فقال اقض بهذه دينك ودفع إليه أربعمائة دينار أخرى وقال اجعلها رأس مالك فإذا أنفقت لك ارجع إلي وذكر رجل يعرف عرادك من أهل البصرة وكان يبيع الطيالسة قال بعت ساجاً من بعض ولاة الأهواز وكنت أختلف إليه في ثمنه فسب أبا بكر وعمر رضوان الله عليهم فمنعتني هيبته من الرد عليه فانقلبت وأنا مغموم فبت ليلتي كذلك فرأيت النبي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام فقلت له يا رسول اللهّ إنّ فلاناً سب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال ائتني به فجئت به فقال اضجعه فأضجعته فقال اذبحه فتعاظم الذبح في عيني فقلت يا رسول الله اذبحه فقال لي اذبحه حتى قال ثلاث مرات فأمررت السكين على حلقه فذبحته فلما أصبحت قلت أذهب إليه أعظه وأخبره بما رأيت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهبت فلما بلغت داره سمعت الولولة فقيل إنّه مات وأتى ابن سيرين رجل غير مهتم في دينه قلقاً فقال إني رأيت البارحة في النوم كأني قد وضعت رجلي على وجه رسول اللهّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له هل بت البارحة مع خفيك قال نعم قال فاخلعهما فخلعتهما فكان تحت إحدى رجليه درهم عليه محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.