الباب الثالث عشر : تأويل الصوم والفطر

(قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه) اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم فقال بعضهم من رأى أنّه في شهر الصوم دلّت رؤياه على غلاء السعر وضيق الطعام وقال بعضهم أنّ هذه الرؤيا تدل على صحة دين صاحب الرؤيا والخروج من الغموم والشفاء من الأمراض وقضاء الديون فإن رأى كأنه صام شهر رمضان حتى أفطر فإن كان في شق يأتيه البيان لقوله تعالى (هُدَىً للناس
وَبَيِّنَاتِ) فإن كان صاحب الرؤيا أُميَاَ حفظ القرآن فإنّه رأى أنّه أفطر شهر رمضان عامدا جاحداً فإنّه يستخف ببعض الشرائع فإن رأى كأنه أقر بحقيقة الصوم واشتهى قضاء فهو رزق يأتيه عاجلاً من حيث لا يحتسب وقال بعضهم أنّ من رأى كأنه يفطر في شهر رمضان فإنّه يصيب الفطرة وقال بعضهم أنّه يسافر في رضا الله تعالى لقوله عز وجل (فَمَنْ كَانَ مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَىِ سفر) الآية وقيل أنّه من رأى أنّه أفطر في شهر رمضان متعمداً ومن رأى أنّه قتل مؤمناً متعمداً فإنّه يفطر في شهر رمضان متعمداً ومن رأى كأنّه صام شهرين متتابعين لكفارة فإنّه يتوب من ذنب هو فيه ومن رأى كأنّه يقضي صيام رمضان بعد خروج الشهر فإنّه يمرض ومن صام تطوعاً لم يمرض تلك السنة لما روي في الخبر "صوموا تصحّوا" ومن رأى كأنّه صائم دهره فإنّه يجتنب المعاصي ومن رأى كأنّه صائم لغير الله تعالى بل للرياء والسمعة فإنّه لا يجد فإنه لا يجد ما يطلبه فإن رأى إنسان تعوّد صيام الدهر أنّه أفطر فإنّه يغتاب إنساناً أو يمرض مرضاً شديداً ومن رأى أنّه صائم ولا يدر أفرض هو أم نفل فإنّ عليه قضاء نذر لقول الله تعالى (إنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْمَاً فَلَنْ أُكَلّمَ الْيَوْمَ إنْسِيّاً) وربما يلزم الصمت لأنّ أصل الصوم السكوت ومن رأى كأنه
في يوم عيد فإنّه يخرج من الهموم ويعود إليه السرور واليسر.