بنو نهد

Submitted by مشمش on جمعة, 06/11/2010 - 00:00

هم بنو نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة بن مالك بن حمير (الإكليل ج1 ص187).

من أهم قبائل جنوب الجزيرة العربية منذ عصور ما قبل الإسلام، وحتى وقتنا الراهن جاء في الاشتقاق عند الحديث عن قضاعة : منهم بنو نهد بطن عظيم، والنهد في اللغة : العظيم الخلق من الناس والخيل، يقال فرس نهد، ورجل نهد، ويقال نهد القوم بعضهم إلى بعض إذا نهضوا للحرب أو غيرهــــــــا (ابن دريد ج ص546).

وتاريخ نهد عريق يبدأ منذ عصور الجاهلية فهي إحدى قبائل قضاعة المعروفة.

سكن أكبر بطونها في اليمن، وسكن بعضها شمال الحجاز، جاء في المفصل، أما نهد فقد سكن أكبر بطونها في منطقة نجران، وقد دخلت بطون منها في قبائل أخرى واندمجت" (جود علي ج4 ص430).

وذكرت نهد في القبائل القاطنة وادي الصفراء بين مكة والمدينة المنورة وذكر عرام السلمي في معرض الحديث عن جبلي "رضوى" "عزور" نواحي المدينة المنورة : ويسكن ذراهما واحوازهما نهد وجهينة، وفي البر خاصة دون المدر، ولهم هناك يسار ظاهر (السلمي ص7).

وذكر الحموي مخلاف نهد وقريتهم الهجيرة ولهم محال كثيرة (الحموي ج5 ص70).

وتذكر بعض المصادر أن نهداً كانت تسكن في أول أمرها شمال الجزيرة، ثم انتقل اكبر بطونها إلى اليمن، وكذلك قبيلة جرم من قضاعة، وتورد كتب الأخبار قصة هذا الانتقال، والعلاقات بين نهد - وجرم وقبائل مذحج جاء في معجم ما استعجم قوله : وسارت قبائل جرم ونهد إلى بلاد اليمن فجاوروا مذحج في منازلهم من نجران وتثليت وماوالاها، فنزلوا منها أرضا تلي السراة يقال لها "أديم" وأمرهم يومئذ جميع وكلمتهم واحدة وغلبوا على بعض تلك البلاد فقال عمرو بن معدي يكرب الزبيدي.

لقد كان الحواضر ماء قومي فأصبحت الحواضر ماء نهد

وكثرت بطون جرم ونهد بها، وفصائلها، فتلاحقوا واقتتلوا وتفرقوا فلحقت نهد بن زيد ببني الحارث بن كعب فحالفوها، وجامعوهم، ولحقت جرم ببني زبيد حتى تحاربت بنو الحارث وبنو زبيد، فكانت الدبرة يومئذ على بني زبيد، وفرت جرم من حلفائها من زبيد، ولحقت بنهد وحالفوا في بني الحارث، وصاروا يغزون معهم من قاتلوا، وقال خالد بن الصقعب النهدي فيما كان بين نهد وجرم.

عقدنا بيننا عقداً وثيقــــاً شديداً لايوصل بالخيـــــــــوط

فتلك بيوتنا وبيوت جرم تقارب شعر ذي الرأس المشيط

فلم تزل جرم ونهد بتلك البلاد وهي على ذلك الحلف حتى أظهر الله الإسلام ومن هناك هاجر من هاجر منهم وبها بقيتهم (معجم ما استعجم ج1 ص43).

وينقل البكري كذلك أن نهدا أوصى بنيه حين حضرته الوفاة فقال : أوصيكم بالناس شراً، ضرباً أزاً، وطعنا وخزاً، كلموهم نزراً، انظروهم شزراً، واطعنوهم دسراً، أقصروا الأعنة، وطرروا الأسنة، وارعوا الغيث حيث كان، فقال شاعرهم

وأوصى أبونا فاتبعنا وصاتـــه وكل امرئ موص أبـــوه وذاهب

فأوصى بأن لا تستباح دياركم وحاموا كما كنا عليهــــا نضارب

إذا أوقدت نار العدو فلا تزل شهاب لكم ترمي به الحرب ثاقب

يفرج عن أبنائنا ونسائنــــــا جلاد وطعن يـردع الخيل صائــب

وما ذاد عنا الناس إلا سيوفنا وخطية مما يتــــرص زاغــــــــــب

(معجم ما استعجم ج1 ص33)

وتوضح هذه الوصية - أن ثبتت - غلبة البداوة على نهد في الجاهلية. وجاء الإسلام ونهد في مواطنها على حلفها مع بني الحارث، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتاباً لقيس بن الحصين الحارثي لبني أبيه بلحارث بن كعب ولبني نهد حلفاء بني الحارث (ابن سعد ج1 ص268).

وفي خبر وفد طهفة بن أبي زهير النهدي أن النبي عليه الصلاة والسلام كتب كتاباً لبني نهد جاء فيه "بسم الله الرحمن الرحيم، محمد رسول الله إلى بنى نهد بن زيد، السلام على من آمن بالله ورسوله، لكم يابني نهد في الوظيفة الفريضة، ولكم الفارض والفريش، وذو العنان الركوت، والفلو الضبيس، لا يُمنع سرحكم، ولا يُعضد طلحكم، ولا يُحبس دركم، ما لم تضمروا الاماق وتأكلوا الرباق، من أقر بما في هذا الكتاب فله من رسول الله الوفاء بالعهد والذمة، ومن أبى فعليه الربوة. (ابن عبدربه ج2 ص55)

وشاركت نهد في أحداث التاريخ الإسلامي، فقد ذكر كثير من رجالها في قوائم الصحابة والتابعين، وذكرت مشاركتها في فتح طبرستان مع سعيد بن العاص (الكامل ج3 ص55).

وارتبط - بعد هذه الحقبة - تاريخ نهد بالأحداث في تاريخ اليمن، فقد عدت كإحدى القبائل المؤيدة لدولة الملك علي بن محمد الصليحي (عمارة ص103)، وقد تعرضت مع حليفتها بنى الحارث لهجمات الإمام الزيدي الهادي يحيى بن الحسين المتوفى سنة 298هـ، ثم ذكرت بعد ذلك ضمن القبائل المؤيدة والوافدة على الإمام أحمد بن سليمان سنة 535هـ وهي قبائل وادعة ودهمه ونهد (غاية الأماني ج1 ص298)، واشتركت معه سنة 549 في قتال قبيلة يام في نجران (غاية الأماني ج1 ص309).

وتوضح هذه التحركات الأخيرة لنهد أنها كانت من القبائل المهمة والقوية في المنطقة.

وفي أواخر القرن السادس الهجري، وبالتحديد سنة 592هـ - حسبما تذكر مصادر التاريخ الحضرمي - أي بعد أقل من خمسين عاماً من اشتراك نهد في مقاتلة قبيلة يام - تحركت بعض قبائل نهد الكبيرة، وبعض حلفائها من بني الحارث إلى شمال غربي حضرموت، وهي قبائل بني معروف وبنو حرام وبني ظبيان من نهد وبني ضنة من قضاعة وبني خيثمة وبني سعد من بني الحارث بن كعب من مذحج. وعرفت هذه القبائل بعد هجرتها بنهد، جاء في "طرفة الأصحاب" عند الحديث عن قبائل خيثمة، وبني ضنة وبني سعد "هذه الوجوه كلها يقال لها نهد، وإنما قيل لهم نهد لأنهم في البلاد، وانتسبوا إلى هذا الاسم فغلب عليهم، وإلا فهم مختلفوا القبائل، والأصل فيهم قحطان." (الرسولي ص139).