الدول الخليجية وضرورات الانتقال من التعاون إلى الوحدة

Submitted by dody on أحد, 12/25/2011 - 23:59

الدول الخليجية وضرورات الانتقال من التعاون إلى الوحدة

عطا السيد الشعراوى

خبير فى الشئون العربية

في كلمة تاريخية أمام القمة الخليجية ال32 المنعقدة بالرياض دعا العاهل السعودي في التاسع عشر من شهر ديسمبر الجاري لانتقال مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة متقدمة من مراحل العمل الخليجي المشترك وهي مرحلة الاتحاد وهو ما لاقى ترحيبًا وحماسًا شعبيًا ورسميا .

وغني عني القول ، إن هذه الدعوة السعودية تأتي في توقيت مناسب ، حيث أثبتت المنظومة الخليجية نجاحًا واضحًا في مرحلة التعاون واستطاعت تحقيق الكثير من الانجازات والمكاسب للدول الخليجية وشعوبها ، بل ولدول المنطقة بشكل عام إذ قام المجلس خلال العام الذي يوشك على الانتهاء بأدوار إيجابية والإسهام في حل بعض الأزمات وفي معالجة عدد من الملفات الإقليمية وخاصة في ليبيا وسوريا واليمن، إضافة بالطبع للموقف الموحد والإيجابي الذي اتخذ من الأزمة في مملكة البحرين، سواء على الصعيد العسكري بإرسال قوات درع الجزيرة لحماية المنشئات الحيوية أو على الصعيد الاقتصادي من خلال دعم اقتصاد المملكة ب10 مليار دولار.

عوامل عدة ودوافع كثيرة تدفع باتجاه ضرورة البحث جديًا وتوفير المقومات اللازمة لتحقيق الدعوة السعودية أهمها أن عالم اليوم هو عالم التحالفات والتكتلات ولا يعترف بالكيانات الصغيرة أو غير الفاعلة، فنحن نعيش عالم الأقوياء الذين يريدون السيطرة على الضعفاء والاستيلاء على ثرواتهم دون أي اعتبارات أخلاقية أو مبادئ مثالية .

والغريب أنه في مقابل هذا الاتجاه العالمي نحو الوحدة والاندماج ، هناك توجهات أخرى نحو التجزئة والتفتيت تقودها جماعات داخل الدول لرغبتها في الاستقلال الذاتي والانسلاخ عن الدولة الأم سواء كان ذلك ناتجًا عن اختلافات معينة إثنية أو ثقافية أو غيرها من الاختلافات التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات أو نتيجة تشجيع أطراف خارجية تلتقي في مصالحها وأهدافها مع هذه الجماعات.

يزيد من أهمية وضرورة تحول مجلس التعاون الخليجي إلى الوحدة الحاجة إلى موازنة القوة الإيرانية وإحداث نوع من التوزان في ميزان القوى، فقد كشفت دراسة لمركز الجزيرة للدراسات حول ميزان القوى وفقاً لمؤشرات نهاية العام 2009 عن الآتي :

- تمتلك إيران جيشاً يبلغ تعداده 523 ألف جندي، في حين يبلغ تعداد الجيش السعودي 233.5 ألف جندي. ويصل عدد قوات البر الإيرانية 350 ألف، والسعودية 75 ألف. ويبلغ عدد عناصر سلاح الجو الإيراني 30 ألف، والسعودي 20 ألف.

- تمتلك إيران 1613 دبابة قتال رئيسية، والسعودية 910 دبابة، والإمارات 471 دبابة والكويت 368 دبابة.

-على صعيد دبابات القتال الرئيسية، المتوسطة والعالية الجودة، تمتلك إيران 480 دبابة من الطراز نفسه. كما يوجد لديها 150 دبابة من طراز(M-60A1)، ومائة دبابة من طراز (ذوالفقار)، ومائة أخرى من طراز (Chieftain Mk3/Mk5). من ناحيتها، تمتلك السعودية 450 دبابة من طراز (M-60A3) و315 دبابة من طراز (M-1A2). أما الإمارات فلديها 390 دبابة من طراز (Leclerc).وتمتلك الكويت 218 دبابة من طراز (M-1A2)، و159 دبابة من طراز (M-84).

- على صعيد سلاح الجو، تمتلك إيران 302 طائرة حربية ثابتة الجناح، وفقاً لمؤشرات العام 2010، مقابل 280 للسعودية، 155 للإمارات. ويبلغ العدد الإجمالي للطائرات الحربية في دول مجلس التعاون الخليجي 571 طائرة.

-على صعيد المروحيات العسكرية، بما فيها الهجومية، تمتلك إيران 95 مروحية، وفقاً لمؤشرات العام 2010، مقابل 79 للسعودية، 54 للإمارات. ويبلغ إجمالي عدد المروحيات العسكرية في دول مجلس التعاون الخليجي 240 مروحية.

-على صعيد الطائرات الحربية المتوسطة والعالية الجودة، المتوفرة في إقليم الخليج، تمتلك السعودية مقاتلات من طرازات (Typhoon) و (Tornado ADV) و(Tornado IDS) و(F-15S).  وتوجد في بقية دول مجلس التعاون الخليجي مقاتلات من طراز (Jaguar)و(Mirage 2000) و (F-18) و(F-16) و(Alpha jets).

أما إيران فلديها طائرات (MiG-29) و (Su-25) و(Su-24) و(F-14) و(F-5E/F) و(F-4D/E).وكشفت إيران في أيلول سبتمبر من العام 2006 عن مقاتلة محلية الصنع، أطلقت عليها اسم “صاعقة”. وقالت إنها تحاكي المقاتلة الأميركية الهجومية (F-18).

وقد بات من الصعوبة الاستمرار في الاعتماد على الاتفاقيات الأمنية مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لضمان الأمن في الخليج وخاصة بعد الأزمة البحرينية التي كشفت عن إمكانية تخلي واشنطن عن حلفائها نظير الحفاظ على مصالحها، إضافة إلى التوافق الحاصل حاليًا بين إيران والولايات المتحدة وهو التوافق المرشح للتزايد رغم التوتر الظاهري الحاصل والذي لا يتعدى التصريحات والتصريحات المضادة بين الجانبين الإيراني والأمريكي .

ومما يجعل هدف الانتقال من مجلس التعاون إلى الاتحاد أمرًا ممكنًا وجود الكثير من المقومات الدافعة في هذا الاتجاه أبرزها السوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي وقوات درع الجزيرة، إضافة إلى تزايد الدور الدبلوماسي والسياسي الإقليمي لمجلس التعاون الخليجي والقوة التي يتمتع بها المجلس في الوقت الراهن فهو التكتل الذي مازال قائمًا وفاعلا في وقت اندثرت فيه العديد من التكتلات العربية مثل حلف بغداد ومجلس التعاون العربي أو أنها غير مؤثرة ولا تلبي طموحات دولها مثل الاتحاد المغاربي، إضافة إلى التشابه الواضح بين دول مجلس التعاون الخليجي  والانسجام في النواحي الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسكانية وهو ما يجعل التحول إلى اتحاد بين تلك الدول المتشابهة تطورًا طبيعيًا وتعبيرًا حقيقيًا يعكس هذا التقارب الكبير بينها .

ما سبق لا يعني أن التحول نحو الاتحاد وتحقيقه أمرًا يسيرًا أو سهل المنال بل يحتاج إلى عمل شاق من جانب دول مجلس التعاون الخليجي خاصة في ظل عدم رغبة البعض في هذا التحول وتفضيل العمل في إطار منظومة المجلس دون تطويره إلى شكل فيدرالي أو كونفيدرالي .

ومن المتوقع أيضًا أن تواجه مثل هذه الخطوة الخليجية بمقاومة شرسة من جانب بعض الدول الإقليمية وتحديدًا إيران وأيضًا محاولات إحباط وإجهاض من جانب بعض الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، فهل تمتلك الدول الخليجية الرغبة الجادة والإرادة القوية لإحداث التوافق فيما بينها لتحقيق هدف الوحدة والتغلب على العراقيل الإقليمية والدولية ؟