الباب الرابع عشر : تأويل رؤيا الحج والعمرة والكعبة والحجر الأسود والمقام وزمزم وما يتصل به والأضاحي والقربايات؟؟

(قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه) ومن رأى كأنه خارج إلى الحج في وقته فإن كان صرورة رزق الحج وإِن كان مريضا عوفي وإن كان مديونا قضى دينه وإن كان خائفاً أمن وإن كان معسرا ايسر وإن كان مسافرا سلم وإن كان تاجراً ربح وإن كان معزولاً ردت إليه الولاية وإن كان ضالاً هدي وإن كان مغموماً فرج عنه فإن رأى كأنّه خارج إلى الحج ففاته فإنه إن كان والياً عزل وإن كان تاجراً خسر وإن كان مسافرا قطع عليه الطريق وإن كان صحيحاً مرض فإن رأى أنّه حجٍ أو اعتمر طال عمره واستقام أمره فإن رأى أنه طاف بالبيت ولاه بعض الأئمة أمرا شريفاً فإن رأى أنه طاف على رمكة فإنّه يأتي ذات محرم فإن رأى كأنّه يلبي في الحرم فإنّه يظفر بعدوه ويأمن من
خوف الغالب فإن لبى خارج الحرم فإنّ بعض الناس يغلبه ويخيفه ومن رأى كأنّ الحج واجب عليه ولا يحج دل على خيانته في أمانته وعلى أنّه غير شاكر لنعم الله تعالى ومن رأى كأنّه في يوم عرفة وصل رحمه ويصالح من نازعه وإن كان له غائب رجع إليه في أسر الأحوال فإن الله تعالى جمع بين آدم وحواء في هذا اليوم وعرفها له فإن رأى أنه يصلي في الكعبة فإنّه يتمكن من بعض الأشراف والرؤساء وينال أمناً وخيراً ومن رأى كأنه أخذ من الكعبة في المنام شيئاً فإنّه يصيب من الخليفة شيئاً والكعبة في الرؤيا خليفة أو أمير أو وزير وسقوط حائط منها يدل على موت الخليفة ورؤية الكعبة في المنام بشارة بخير قدمه أو نذارة من شر قد همّ به فإن رأى كأنّ الكعبة داره فإنّه لا يزال ذا خدم وسلطان ورفعة وصيت في الناس إلا أن يرى الكعبة في هيئة رديئة فذلك لا خير فيه فإن رأى كأنّ داره الكعبة فإنّ الإمام يقبل إذاً عليه ويكرمه وقيل من رأى أنّه دخل الكعبة فإنّه يدخلها إن شاء اللهّ وقيل أنّه يدخل على الخليفة فإن رأى أنّه سرق من الكعبة رماناً فإنّه يأتي ذا محرم فإن رأى أنه يصلي فوق الكعبة فإنّ دينه يختل فإن رأى أنه ولي ولاية بمكة فإن الخليفة يقلده بعض أشغاله فإن رأى أنه توجه نحو الكعبة صلح دينه فإن رأى أنّه أحدث في الكعبة دل على مصيبة
تنال الخليفة فإن رأى أنّه يجاور بمكة فإنّه يرد إلى أرذل العمر فإن رأى أنّه بمكة مع الأموات يسألونه فإنّه يموت شهيداً (وحكي) أن رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت كأني أُصلي فوق الكعبة فقال اتق الله فإني أراك خرجت عن الإسلام ورأى مهندس أنّه دخل الحرم وصلّى على سطح الكعبة فقص رؤياه على معبر فقال تنال أمناً وولاية وتجبي جباية من كل مكان مع سوء المذهب ومخالفة السنة فكان كذلك (ورأى) رجل كأنّه تخطى الكعبة ثم قصها على ابن سيرين فقال هذا رجل خالف سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودخل في هوى ألا ترى أنّه يتخطى القبلة فكان كذلك لأنه دخل في الإباحة ومن رأى كأنّه مس الحجر الأسود فقيل إنّه يقتدي بإمام من أهل الحجاز فإن قلع الحجر الأسود واتّخذه لنفسه خاصة فإنّه ينفرد في الدين ببدعة ومن رأى كأنه وجد الحجر بعدما فقده الناس فوضعه مكانه فهذه رؤيا رجل يظن أنّه على الهدى وسائر الناس على الضلالة ومن شرب من ماء زمزم فإنه يصيب خيرا وينال ما يريده من وجه بر فإن رأى أنه حضر المقام أو صلى نحوه فإنّه يقيم الشرائع ويحافظ عليها ويرزق الحج والأمن فإن رأى كأنّه يخطب بالموسم وليس بأهل للخطبة ولا في أهل بيته من هو من أهلها فإن تأهل يرجع إلى سميه أو نظيره ويناله بعض البلاء أو ينشر
ذكره بالصلاح ومن رأى كأنّه أحسن الخطبة والصلاة وأتمها بالناس وهم يستمعون لخطبته فإنّه يصير والياً مطاعاً فإن لم يتمها لمٍ تتم ولايته عزل ومن رأى من ليس بمسلم أن يخطب فإنّه يسلم أو يموت عاجلاً فإن رأت امرأة أنّها تخطب وتذكر المواعظ فهو قوة لقيمها وإن كان كلامها في الخطبة غير الحكمة والمواعظ فإنّها تفتضح وتشتهر بما ينكر من فعل الناس وأمِا المنبر فإنّه سلطان من العرب والمقام الكريمٍ وجماعة الإسلام فمن رأى أنّه على منبرِ وهو يتكلم بكلام البر فإنّه إن كان أهلا أصاب رفعة وسلطان وإن لم يكن المنبر أهلاَ اشتهر بالصلاح ثم إن لم يكن للمنبر أهلا ورأى كأنّه لم يتكلم عليه أو يتكلم بالسوء فإنه يدل على أنّه يصلب
والمنبر قد شبه بالجذع وإن رأى والٍ أو سلطان أنّه على منبر فانكسر أو انصرف عنه أو أنزل قهراً فإنّه يعزل ويزول ملكه إما بموت أو غيره فإن لم يكن صاحب الرؤيا ذا ولاية ولا سلطان رجع تأويله إلى سميه أو إلى ذي سلطان من عشيرته (وحكي) أنّ رجلاً أتى جعفر الصادق رضي الله عنه فقال رأيت كأنّي على منبر أخطب فقال ما صناعتك قال حمامي فقال يسعى بك إلى السلطان فتصلب فكان كما عبر وقد روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استيقظ من رقدته ثم تبسم
وقال رأيت بني مروان يتعاقبون منبري فكان كما رآه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأما الأضحية فبشارة بالفرج من جميِع الهموم وظهور البركة لقوله تعالى (وَبَشّرْنَاهُ بإسحاق نَبِياً مِنِ الصّالِحينَ وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلَى اسحق) الآية فإن كانت امرأة صاحب الرؤيا حاملا فإنّها تلد ابناً صالحاً ومن رأى أنّه ضحى ببدنة أو بقرة أو كبش فإنّه يعتق رقاباً وإن رأى أنّه ضحى وهو عبد عتق وإن كان صاحب الرؤيا أسيراً تخلص وإن رآه مديونا قضي دينه أو فقيرا ثري أو خائف أمن أو صرورة حج أو محارب نصر أو مغموم فرج عنه ومن رأى كأنه يقسم الناس في لحم قربانه خرج من همومه ونال عزاً وشرفاً ومن رأى كأنه سرق شيئاً من القربان فإنّه يكذب على الله وقال بعضهم إن المريض إذا رأى أنّه يضحي دلت رؤياه على موته وقال بعضهم إنه ينال الشقاء وأما رؤية عيد الأضحى فإنّه عود سرور ماض ونجاة من الهلكة لأنّ فكاك إسماعيل كان فيه من الذبح.