الباب الخامس والأربعون : القلم والدواة والنقش والمداد والورق والكتابة والشعر وما أشبهه

القلم يدل على ما يذكر الإنسان به وتنفذ الأحكام بسببه كالسلطان والعالم والحاكم واللسان والسيف والولد الذكر وربما دل على الذكر والمداد نطفته وما يكتب فيه منكوحه وربما دل على السكة
والأصابع أزواجه ومداده بذره وإنّما يوصل إلى حقائق تأويله بحقائق الكتبة وزيادة الرؤيا والضمائر وما في اليقظة منِ الآمال وقيل أنّ القلم يدل على العلم فمن رأى أنه أصاب قلماً فإنّه يصيب علماً يناسب ما رأى في منامه أنّه كان يكتبه به وقيل أنّه دخول في كفالة وضمان لقوله تعالى {وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ إذْ يلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أيّهم يَكْفَل مَرْيَم} (وحكي) أن رجلا قال لابن سيرين رأيت كأني جالس والى حانبي قلم فأخذته فجعلت أكتب به وأرى عن يميني قلماً آخر فأخذته وكتبت بهما جميعاً فقال هل لك غائب قال نعم قال فكأنك به قدم عليك فإن رأى كاتب كأنّ بيده قلماً أو دواة فإنّه يأمن من الفقر لحرفته فإنه رأى كأنّه استفاد أودوات الكتابة بأسرها فإنّه يصيب في الكتابة رياسة جامعة يفوق فيها أقرانه من الكتاب وهكذا كل من رأى أنه استفاد أداة واحدة من أدوات حرفته أمن بها الفقر فإن رأى أنه أصاب حرفة جامعة فإنّه ينال فيها رياسة جامعة والسكين الذي يقطع به القلم يدل على ابن كيس محسود وقيل إن من رأى سكيناً من حديد فإنّه يعاود امرأة قد فارقته من قبل لقوله تعالى {قُلْ كُونُوا حِجَارةً أوْ حَديداً أوْ خلقا ممن يَكْبر
في صُدُورِكُمْ فَسَيَقولونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلْ الذي فَطَرَكُمْ أوَّلَ مًرّة} والقلم الأمر والنهي والولاية على كل حرفة والقلم قيم كل شئ وقيل القلم ولد كاتب (ورأىِ) رجل كأنّه نال قلماً فقص رؤياه على معبر فقيل له يولد لك غلاما يتعلم علما حسناً وأما الدواة فخادمة ومنفعة من قبل امرأة وشأن من قبل ولد فمن رأى أنه يكتب من دواة اشترى خادمة ووطئها ولا يكون لها عنده بطء ولا مقام وقيل من رأى أنّه أصاب دواة فإنّه يخاصم امرأته وغيرها فإن كان ثم شاهد خير تزوج ذا قرابة له (وحكي) أن رجلا رأى كأنّه يليق دواة فقص رؤياه على معبر فقال هذا رجل يأتي الذكران وقال أكثر المعبرين أنّ الدواة زوجة ومنكوح وكذلك المحبرة إلا أنّها بكر أو غلام والقلم ذكر وإن كانت امرأة كان مدداها مالها أو نفعها أو همها وبلاءها سيما إن سود وجهه أو ثوبه وقد تدل الدواة على القرحة والقلم على الحديد والمداد على المدة لمن رأى أنّ بجسمه دواة وهو يستمد منها بالقلم ومن أى أنّه يكتب في صحيفة فإنّه يرث ميراثاً قال الله تعالى {إنَّ هَذَا لَفي الصُّحُفِ الأولى صُحُف إبْراهيمَ وَمَوسَى} فإن رأى أنه يكتب في قرطاس فإنه جحو دما بينه وبين الناس وإن رأى أن الإمام أعطاه قرطاساً فإنّه يقضي له حاجة يرفعها
اليه ويدل القرطاس على أمر ملتبس عليه لقوله تعالى {تَجْعَلونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا} وأما النقش في الأصل فيدل على فرح وشرف ما لم يتلطخ به الثوب فإن تلطخ به الثوب دل على مرض وعلى أنّ الذي لطخه به يقع فيه ويرميه بعيب وتظهر براءته من ذلك العيب للناس وربما يلطخ ثوبه في اليقظة كما رآه والمداد سؤدد ورفعة في مدد والكتاب قوة فمن رأى بيده كتاباً نال قوة لقوله تعالى {يا يَحْيَى خذِ الكِتَابَ بقوة} والكتاب خير مشهور إن كان منشوراً وإن كان مختوما فخير مستور وإن كان في يد غلام فإنّه بشارة وإن كان في يد جارية فإنه خير في بشارة وفرج وإن كان في يد امرأة فإنّه توقع أمر في فرح فإن كان منشورا والمراة منتقبة فإنّه خير مستور يأمرها بالحذر فإن كانت متطيبة حسناء فإنه خير وأمر فيه ثناء حسن فإن كانت المرأة وحشية فإنّه خير في أمر وحش
-ومن رأى في يده كتباً مطوية فإنّه يموت قريباً لقوله تعالى {يوم نَطْوي السّمَاءَ كَطَيِّ السَّجل لِلكُتُب} فإن رأى أنه أخذ من الإمام منشوراً فإنه ينال سلطانا وغبطة ونعمة إن كان محتملاً ذلك وإلا خيف عليه العبودية فإن رأى أنّه أنفذ كتاباً مختوماً إلى إنسان فرده إليه فإن كان سلطاناً وسرى إليه جيش فإنّهم مهزومون
وإن كان تاجراً خسر في تجارته وإن كان خاطباً لم يزوج فإن رأى كتابه بيمينه فهو خير فإن كان بينه وبين إنسان مخاصمة أوشك أو تخليط فإنّه يأتيه البيان وإن كان في عذاب يأتيه الفرج لقوله تعالى {وَأنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تبْيَانَاً لِكل شئ وَهُدَى} وإن كان معسرأَ أو مهموماً أو غائباً فإنّه يتيسر عليه أمره ويرجع إلى أهله مسروراً وأخذ الكتاب باليمين خير كله فإن أعطى كتابه بشماله فإنّه يندم على فعل فعله ومن أخذ كتاباً من انسان بيمينه فإنّه يأخذ أكرم شئ عليه لقوله تعالى {لأخذنا منه باليمين} وإذا رأى الكافر بيده مصحفاً أو كتاباً عربياً فإنّه يخذل أو يقع في هم وغم وكربة وشدة ومن نظر في صحيفة ولم يقرأ ما فيها فهو ميراث يناله وقيل من رأى كأنّه مزق كتاباً ذهبت غمومه ورفعت عنه الفتن والشرور نال خيراً وكذلك المؤمن إذا رأى بيده كتاباً فارسياً يصيبه ذل وكربة ومن أى أنّه أتاه كتاب مختوما انقاد لملك وتحقيقه ختمه لأنّ بلقيس انقادت لسليمان عليه السلام حين ألقى كتاباً مختوماً وكان من سبب الكتاب دخولها في الإسلام
-ومن رأى أنّه وهبت له صحيفة فوجد فيها رقعة ملفوفة فهيِ جارية وبها خبل وقال ابن سيرين
من رأى أنه يكتب كتابه فإنّه يكسب كسباً حراماً لقوله تعالى {فَوَيْلٌ لَهُمْ ممّا كَتَبَتْ أيْدِيهمُ وَوَيْلٌ لَهُمْ ممّا يَكْسبون} والنقش على يد الرجل حيلة تعقب الذل وللنساء حيلة لاكتساب
-ومن رأى كأن آية من القرآن مكتوبة على قميصه فإنّه رجل متمسك بالقرآن والكتابة باليد اليسرى قبيحة وضلالة وربما يولد له أولاد من زنا أو يصير شاعراً والكتابة في الأصل حيلة والكاتب محتال وإن رأى أنه ردئ الخط فإنّه يتوب ويترك الحيل على الناس ويتوب ومن أى أنّه يقرأ وجه صحيفة فإنّه يرث ميراثاً فإن قرأ ظهرها فإنّه يجتمع عليه دين لقوله تعالى {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عَلَيْكَ حَسِيبا} فإن رأى أنّه يقرأ كتابِاً وكان حاذقاً في قراءته فإنّه يلي ولاية إن كان أهلاً لها أو يتجر تجارة إن كان تاجراً بقدر حذقه فيه فإن رأى أنه يقرأ كتّاب نفسه فإنّه يتوب إلى الله من ذنوبه لقوله عز وجل واكْتُبْ لَنَا في هَذِه الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَة}
-ومن رأى كأنه كتب عليه صك فإنّه يؤمر بأن يحتجم لأن من كتب عليه كتاب ولا يدري ما في الكتاب فإنّه قد فرض الله عليه فرضاً وهو يتوانى فيه لقوله تعالى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فيها} الاية فإن رأى أنّه يكتب عليه كتاب فإن عرف الكاتب
فإنه يغشه ويضله ويفتنه في دينه لقوله تعالى {كتبَ عَلَيْهِ أنّهُ من تولاه} الآية والاصطرلاب خادم الرؤساء وإنسان متصل بالسلطان فمن رأى أنه أصاب اصطرلاباً فإنّه يصحب انسانا وينتفع به على قدر ما رأى في المنام وربما كان مغترا بأمر ليست له عزيمة صحيحة ولا وفاء ولا مروءة
(الشاعر) رجل غاو يقول مالا يفعل والشعر قول الزور
-ومن رأى أنه يقول الشعر ويبغي به كسباً فإنّه يشهد بالزور فإن رأى أنّه قرأ قصيدة في مجلس فإنها حكمة تميل إلى النفاق فإن سمع الشعر فإنّه يحضر مجالس يقال فيها الباطل
-ومن رأى كأنه أعجمي فصار فصيحاً فإنّه شرف وعز وملك حتى لا يكون فيه نظيرا إن كان والياً وإن كان تاجراً فإنّه يكون مذكوراً في الدنيا وكذلك في كل حرفة
-ومن رأى أنه يتكلم بكل لسان فإنّه يملك أمراً كبيرا في الدنيا ويعز لقوله تعالى حكاية يوسف {إني حَفِيظٌ عَلِيمٌ} يعني بكل لسان والكاتب ذو حيلة وصناعة لطيفة مثل الإسكافي والقلم كالأشفى والإبرة والمداد كالشئ الذي يخرم به من خيوط وسيور وكالحجام وقلمه مشرطته
ومداده دمه وكالرقام والرفاء ونحوهما وربما دل على الحراث والقلم كالسكة والمداد كالبدر فمن حدث عليه حادثة مع كاتب مجهول تعرف تلك الصفة ماذا تدل عليه ثم أضفها إلى من تليق به أو من هو في اليقظة في أمر هو حال فيه ممن ينصرف الكاتب إليه كالذي يقول رأيت كأنّي مررت بكاتب فدفع إليّ كتاباً أو كتابين أو ثلاثة وكان فيها دين لي أو علي فأخذتها منه ومضيت فانظر إلى حاله ويقظته فإن كان ماله نعل أو خف عند خراز وقد مطله أو هم بشراء فهو ذلك وأشبه ما بهذا الوجه أن يأخذ منه رقعتين أو كتابين وإن كان قد أضر الدم به أو هم بالحجامة أو أحتجم قبل تلك الليلة فهو ذاك وأشبه ما بهذا المكان أن تكون الرقاع ثلاثة إن كان ممن يحتجم كذلك فإن كان له ثوب عند مطرز أو صانع ديباجي فهو ذاك وإن كان له سلم عند حراث أخذ منه ما كان له وإلا قدمت إليه أخبار أو وردت عليه أمور فإن كانت الكتب مطوية فهي أخبار مخيفة وإن كانت منشورة فهي أخبار ظاهرة والكاتب إذا رأى أنّه أُمي لا يحسن الكتابة فإنّه يفتقر إن كان غنياً أو يجن إن كان عاقلاً أو يلحد إن كان مذنباً أو يعجز إن كان ذا حيلة وإذا رأى الأمي أنّه يحسن الكتابة
فإنّه في كرب وسيلهمه الله تعالى سبباً يتخلص به من كربه وتمزيق الكتاب ذهاب الحزن والغم.