هل يجوز تأخير الرمي إلى الليل

وعن سعيد بن مالك قال: رجعنا في الحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضنا يقول رميت ست حصيات، وبعضنا يقول رميت سبع حصيات، فلم يعب بعضنا على بعض.
أيام الرمي: أيام الرمي ثلاثة أو أربعة: يوم النحر، ويومان، أو ثلاثة من أيام التشريق.
قال الله تعالى: " واذكروا الله في أيام معدودات، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى (1) ".
الرمي يوم النحر: الوقت المختار للرمي، يوم النحر، وقت الضحى بعد طلوع الشمس، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رماها ضحى ذلك اليوم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم ضعفة أهله، وقال " لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ".
رواه الترمذي، وصححه.
فإن أخره إلى آخر النهار، جاز.
قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها، وإن لم يكن ذلك مستحبا لها.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فقال رجل: رميت بعد ما أمسيت، فقال: " لا حرج ". رواه البخاري.

هل يجوز تأخير الرمي إلى الليل:
إذا كان فيه عذر بمنع الرمي نهارا، جاز تأخير الرمي إلى الليل.
لما رواه مالك عن نافع: أن ابنة لصفية امرأة ابن عمر نفست بالمزدلفة، فتخلفت هي صفية، حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما ابن

(1) أي لا إثم على من تعجل، فنفر في اليوم الثاني عشر، ولا على من أخر النفر، إلى اليوم الثالث عشر.

عمر أن تريما الجمرة حين قدمتا، ولم ير عليهما شيئا.
أما إذا لم يكن فيه عذر فإنه يكره التأخير، ويرمي بالليل، ولا دم عليه عند الاحناف والشافعية، ورواية عن مالك، لحديث ابن عباس المتقدم.
وعند أحمد: إن أخر الرمي حتى انتهى يوما النحر فلا يرمي ليلا، وإنما يرميها في الغد بعد زوال الشمس.
الترخيص للضعفة وذوي الاعذار بالرمي بعد منتصف ليلة النحر لا يجوز لاحد أن يرمي قبل نصف الليل الاخير بالاجماع ويرخص للنساء، والصبيان، والضعفة، وذوي الاعذار، ورعاة الابل: أن يرموا جمرة
العقبة، من نصف ليلة النحر فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة ليلة النحر، فرمت قبل الفجر ثم أفاضت.
رواه أبو داود، والبيهقي، وقال: إسناده صحيح لا غبار عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الابل أن يرموا ... بالليل رواه البزار.
وفيه مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف.
وعن عروة قال: دار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة يوم النحر، فأمرها أن تعجل الافاضة من جمع، حتى تأتي مكة، فتصلي بها الصبح، وكان يوما، فأحب أن ترافقه.
رواه الشافعي، والبيهقي.
عن عطاء قال: أخبرني مخبر عن أسماء: أنها رمت الجمرة، قلت: إنا رمينا الجمرة بليل، قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود.
قال الطبري: استدل الشافعي بحديث أم سلمة، وحديث أسماء، على ما ذهب إليه من جواز الافاضة بعد نصف الليل.
وذكر ابن حزم أن الاذن في الرمي بالليل مخصوص بالنساء دون الرجال، ضعفاؤهم وأقوياؤهم في عدم الاذن سواء.