الزواج

الزواج

الزوجية سنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهي عامة مطردة، لا يشذ عنها عالم الانسان، أو عالم الحيوان أو عالم النبات: (من كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) .
(سبحان الذي خلق الازواج كلها، مما تنبت الارض، ومن أنفسهم، ومما لا يعلمون) .
وهي الاسلوب الي اختاره الله للتوالد والتكاثر، واستمرار الحياة، بعد أن أعد كلا الزوجين وهيأهما.
بحيث يقوم كل منهما بدور إيجابي في تحقيق هذه الغاية: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) .
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) .
ولم يشأ الله أن يجعل الانسان كغيره من العوالم، فيدع غرائزه تنطلق دون وعي، ويترك اتصال الذكر بالانثى فوضى لا ضابط له.
بل وضع النظام الملائم لسيادته، والذي من شأنه أن يحفظ شرفه، ويصون كرامته.
فجعل اتصال الرجل بالمرأة اتصالا كريما، مبنيا على رضاهما.
وعلى إيجاب وقبول، كمظهرين لهذا الرضا.
وعلى إشهاد، على أن كلا منهما قد أصبح للاخر.
وبهذا وضع للغريزة سبيلها المأمونة، وحمى النسل من الضياع، وصان المرأة عن أن تكون كلاء مباحا لكل راتع.
ووضع نواة الاسرة التي تحوطها غريزة الامومة وترعاها عاطفة الابوة.
فتنبت نباتا حسنا، وتثمر ثمارها اليانعة.

وهذا النظام هو الذي ارتضاه الله، وأبقى عليه الاسلام، وهدم كل ما عداه.
الانكحة التي هدمها الاسلام فمن ذلك: نكاح الخدن: كانوا يقولون: ما استتر فلا بأس به وما ظهر فهو لؤم.
وهو المذكور في قول الله تعالى: (ولا متخذات أخدان) .
ومنها: نكاح البدل: وهو أن يقول الرجل للرجل: أنزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك.
رواه الدارقطني عن أبي هريرة بسند ضعيف جدا.
وذكرت عائشة غير هذين النوعين فقالت: كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء (1) : (1) نكاح الناس اليوم: يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته، فيصدقها ثم ينكحها.
(2) ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها (2) ،
أرسلي إلى فلان فاستضعي منه (3) ، ويعتزلها زوجها حتى يتبين حملها.
فإذا تبين، أصاب إذا أحب.
وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد.
ويسمى هذا النكاح الاستبضاع.
(3) ونكاح آخر: يجتمع الرهط (ما دون العشرة) على المرأة فيدخلون، كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومر عليها ليال، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتم ما كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل.

(1) انحاء: انواع.
(2) طمثها: حيضها.
(3) استبضعي: اطلبي منه المباضعة، أي الجماع لتنالي به الولد فقط.