الربا

الربا:
تعريفه: - الربا في اللغة: الزيادة، والمقصود به هنا: الزيادة على رأس المال، قلت أو كثرت.
يقول الله سبحانه: " وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا
تظلمون " (1) .
حكمه: - وهو محرم في جميع الاديان السماوية، ومحظور في اليهودية والمسيحية والاسلام.
جاء في العهد القديم: (إذا أقرضت مالا لاحد من أبناء شعبي، فلا تقف منه موقف الدائن.
لا تطلب منه ربحا لمالك) . آية 25، فصل 22، من سفر الخروج.
وجاء فيه أيضا:

(1) سورة البقرة آية رقم 279.

(إذا افتقر أخوك فاحمله ... لا تطلب منه ربحا ولا منفعة) . آية 35، فصل 25، من سفر اللاويين.
إلا أن اليهود لا يرون مانعا من أخذ الربا من غير اليهودي، كما جاء في آية 20، من الفصل 23، من سفر التثنية.
وقد رد عليهم القرآن، ففي سورة النساء (1) : (وأخذهم الربا وقد نهوا عنه) .
وفي كتاب العهد الجديد: (إذا أقرضتم لمن تنتظرون منه المكافأة، فأي فضل يعرف لكم؟ ولكن افعلوا الخيرات، وأقرضوا غير منتظرين
عائدتها. وإذن يكون ثوابكم جزيلا) . آية 34 وآية 35، من الفصل 6، من إنجيل لوقا.
واتفقت كلمة رجال الكنيسة على تحريم الربا تحريما قاطعا استنادا إلى هذه النصوص.
قال سكوبار: (إن من يقول إن الربا ليس معصية يعد ملحدا

(1) سورة النساء آية رقم 269.

خارجا عن الدين) .
وقال الاب بوني: (إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة الدنيا، وليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم) .
وفي القرآن الكريم تحدث عن الربا في عدة مواضع مرتبة ترتيبا زمنيا، ففي العهد المكي نزل قول الله سبحانه: " وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون (1) ".
وفي العهد المدني نزل تحريم الربا صراحة في قول الله سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم ترحمون (2) ".
وآخر ما ختم به التشريع قول الله سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من

(1) سورة الروم آية رقم 39.
(2) سورة آل عمران آية رقم 130.

الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (1) ".
وفي هذه الاية رد قاطع على من يقول: إن الربا لا يحرم إلا إذا كان أضعافا مضاعفة، لان الله لم يبح إلا رد رءوس الاموال دون الزيادة عليها.
وهذا آخر ما نزل في هذا الامر.
وهو من كبائر الاثم، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: " اجتنبوا السبع الموبقات ".
قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ".
وقد لعن الله كل من اشترك في عقد الربا، فلعن الدائن الذي يأخذه، والمستدين الذي يعطيه، والكاتب الذي يكتبه، والشاهدين عليه.
روى البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود، والترمذي وصححه، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله، صلى الله

(1) سورة البقرة آية رقم 278، وآية رقم 279.

عليه وسلم، قال: (لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وشاهديه، وكاتبه) روى الدارقطني عن عبد الله بن حنظلة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: " الدرهم ربا أشد عند الله تعالى من ست وثلاثين زنية في الخطيئة ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " الربا تسعة وتسعون بابا، أدناها كأن يأتي الرجل بأمه ".
الحكمة في تحريم الربا: الربا محرم في جميع الاديان السماوية، والسبب في تحريمه ما فيه من ضرر عظيم: 1 - أنه يسبب العداوة بين الافراد، ويقصي على روح التعاون بينهم.
والادبان كلها، ولا سيما الاسلام، تدعو إلى التعاون والايثار وتبغض الاثرة والانانية واستغلال جهد الاخرين.
2 - وأنه يؤدي إلى حلق طبقة مترفة لا تعمل شيئا، كما يؤدي إلى تضخيم الاموال في أيديها دون جهد مبذول، فتكون كالنباتات الطفيلية تنمو على حساب غيرها.
والاسلام يمجد العمل ويكرم العاملين ويجعله أفضل وسيلة من وسائل الكسب، لانه يؤدي إلى المهارة، ويرفع