مشكل إعراب القرآن

9 - تَفْسِير سُورَة التَّوْبَة

قَوْله تَعَالَى {بَرَاءَة} مصدر مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَإِلَى الَّذين خَبره

قَوْله {وأذان} عطف على بَرَاءَة وَخَبره إِلَى النَّاس فَهُوَ عطف جملَة على جملَة وَقيل خبر الِابْتِدَاء أَن الله برىء من الْمُشْركين على تَقْدِير لِأَن الله

وَقَوله {من الله} فِي الْمَوْضِعَيْنِ نعت لبراءة ولأذان وَلذَلِك حسن الِابْتِدَاء بالنكرة وَلَك أَن ترفع بَرَاءَة على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هَذِه بَرَاءَة وَمعنى بَرَاءَة من الله اعلام من الله

قَوْله {يَوْم الْحَج} الْعَامِل فِيهِ الصّفة لأذان وَقيل الْعَامِل فِيهِ مخزي وَلَا يحسن أَن يعْمل فِيهِ أَذَان لِأَنَّك قد وَصفته فَخرج عَن حكم الْفِعْل

قَوْله {أَن الله بَرِيء} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف اللَّام أَو الْبَاء إِن جعلته خَبرا لأذان فَلَيْسَ هُوَ هُوَ فَلَا بُد من تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ على كل حَال

قَوْله {وَرَسُوله} ارْتَفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره أَي وَرَسُوله برىء أَيْضا من الْمُشْركين فَحذف لدلَالَة الأول عَلَيْهِ وَقد أجَاز قوم رَفعه على الْعَطف على مَوضِع اسْم الله قبل دُخُول أَن وَقَالُوا الْأَذَان بِمَعْنى القَوْل فَكَأَنَّهُ لم يُغير معنى الْكَلَام بِدُخُولِهِ وَمنع ذَلِك جمَاعَة لِأَن أَن الْمَفْتُوحَة قد غيرت معنى الِابْتِدَاء إِذْ هِيَ وَمَا بعْدهَا مصدر فَلَيْسَتْ هِيَ كالمكسورة الَّتِي لَا تدل على غير التَّأْكِيد فَلَا يُغير معنى الِابْتِدَاء دُخُولهَا فَأَما عطف وَرَسُوله على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي برىء فَهُوَ قَبِيح عِنْد كثير من النَّحْوِيين حَتَّى يؤكده وَقد أجَازه كثير مِنْهُم فِي هَذَا الْموضع وان لم يؤكده لِأَن الْمَجْرُور يقوم مقَام التوكيد فعطفه على الْمُضمر فِي برىء حسن جيد وَقد أَتَى الْعَطف على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي الْقُرْآن من غير تَأْكِيد وَلَا مَا يقوم مقَام التَّأْكِيد قَالَ جلّ ذكره مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا فعطف الْآبَاء على الْمُضمر الْمَرْفُوع وَلَا حجَّة فِي دُخُول لَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا دخلت بعد وَاو الْعَطف وَالَّذِي يقوم مقَام التَّأْكِيد إِنَّمَا يَأْتِي قبل وَاو الْعَطف فِي مَوضِع التَّأْكِيد التَّأْكِيد لَو أَتَى بِهِ لم يكن إِلَّا قبل وَاو الْعَطف نَحْو قَوْله تَعَالَى فَأذْهب أَنْت وَرَبك وَلَكِن جَازَ ذَلِك لِأَن الْكَلَام قد طَال بِدُخُول لَا فَقَامَ الطول مقَام التَّأْكِيد وَقد قَرَأَ عِيسَى بن عمر وَرَسُوله بِالنّصب عطفا على اللَّفْظ

قَوْله {من الله} فتحت النُّون لالتقاء الساكنين وَكَانَ الْفَتْح أولى بهَا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلِئَلَّا تَجْتَمِع كسرتان وَبَعض الْعَرَب يكسر على الْقيَاس

قَوْله {كل مرصد} تَقْدِيره على كل مرصد فَلَمَّا حذف على نصب وَقيل هُوَ ظرف

قَوْله {وَإِن أحد} أرتفع أحد بِفِعْلِهِ تَقْدِيره وان استحارك أحد لِأَن إِن أم حُرُوف الْجَزَاء فَهِيَ بِالْفِعْلِ أَن يَليهَا أولى

قَوْله {كَيفَ وَإِن يظهروا} المستفهم عَنهُ مَحْذُوف تَقْدِيره كَيفَ لَا تَقْتُلُوهُمْ وَقيل التَّقْدِير كَيفَ يكون لَهُم عهد

قَوْله {أَئِمَّة الْكفْر} وزن أَئِمَّة أَفعلهُ جمع إِمَام كحمار وأحمرة فأصلها أأممة ثمَّ ألقيت حَرَكَة الْمِيم الأولى على الْهمزَة الساكنة وأدغمت فِي الْمِيم الثَّانِيَة وأبدل من الْهمزَة الْمَكْسُورَة يَاء مَكْسُورَة لِأَن حَقّهَا قبل الادغام أَن تبدل ألفا لانفتاح مَا قبلهَا إِذْ أَصْلهَا السّكُون لِأَنَّهَا فَاء الْفِعْل فَهِيَ فَاء أفعلة فأصلها الْبَدَل فَلذَلِك جرت على الْبَدَل بعد إِلْقَاء الْحَرَكَة عَلَيْهَا وَلم تجر على بَين بَين كَمَا جرت الْمَكْسُورَة فِي أئذا وأئنا وأئفكا لِأَن هَذِه حَرَكَة الْهمزَة فِيهَا لَازِمَة غير منقولة وَتلك حركتها عارضة منقولة عَن الْمِيم الأولى إِلَيْهَا فجرت على أَصْلهَا فِي السّكُون وَهُوَ الْبَدَل وَجَرت هَذِه الْأُخْرَى على أَصْلهَا فِي الْحَرَكَة وَهُوَ بَين بَين فِي التَّخْفِيف أَي بَين الْهمزَة وَالْيَاء أَعنِي فِي ذَلِك كُله على قِرَاءَة من خفف الثَّانِيَة وَلم يحققها

قَوْله {فَالله أَحَق أَن تخشوه} الله مُبْتَدأ وَأَن تخشوه بدل مِنْهُ وأحق خبر الِابْتِدَاء وَإِن شِئْت جعلت فَالله مُبْتَدأ وَأَن تخشوه ابْتِدَاء ثَانِيًا وأحق خَبره وَالْجُمْلَة خبر الأول وَيجوز أَن يكون الله مُبْتَدأ وأحق خَبره وَأَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ وَمثله أَحَق أَن يرضوه وأحق فِي الْمَوْضِعَيْنِ أفعل مَعَهُمَا تَقْدِير حذف بِهِ يتم الْكَلَام تَقْدِيره فَالله أَحَق من غَيره بالخشية إِن قدرت حرف الْجَرّ وَإِن جعلت أَن بَدَلا أَو ابْتِدَاء ثَانِيًا فالتقدير فخشية الله أَحَق من خشيَة غَيره وَكَذَلِكَ تَقْدِير أَحَق أَن يرضوه

قَوْله {أَن تتركوا} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَسب ويسد مسد المفعولين لحسب عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْمبرد هِيَ مفعول أول وَالْمَفْعُول الثَّانِي مَحْذُوف

قَوْله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام} فِي هَذَا الْكَلَام حذف مُضَاف من أَوله أَو من آخِره تَقْدِيره إِن كَانَ الْحَذف من أَوله أجعلتم أَصْحَاب سِقَايَة الْحَاج وَأَصْحَاب عمَارَة الْمَسْجِد الْحَرَام لمن آمن بِاللَّه وَإِن قدرت الْحَذف من آخِره كَانَ تَقْدِيره أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام كَإِيمَانِ من آمن بِاللَّه وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا ليَكُون الْمُبْتَدَأ هُوَ الْخَبَر فِي الْمَعْنى وَبِه يَصح الْكَلَام والفائدة

قَوْله {وَيَوْم حنين} نصب يَوْمًا على الْعَطف على مَوضِع فِي مَوَاطِن كَثِيرَة تَقْدِيره ونصركم يَوْم حنين

قَوْله {لَهُم فِيهَا نعيم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع النَّعْت للجنات وَالْهَاء فِي فِيهَا للجنات وَهُوَ جمع بِالْألف وَالتَّاء يُرَاد بِهِ الْكَثْرَة وَقيل هِيَ ترجع على الرَّحْمَة وَقيل هِيَ ترجع على الْبُشْرَى وَدلّ عَلَيْهَا قَوْله يبشرهم وَكَذَلِكَ الْهَاء فِي فِيهَا الثَّانِيَة تحْتَمل مَا احتملت الأولى من الْوُجُوه

قَوْله {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله} من نون عُزَيْرًا رَفعه بِالِابْتِدَاءِ وَابْن خَبره وَلَا يحسن حذف التَّنْوِين على هَذَا من عُزَيْر لالتقاء الساكنين وَلَا تحذف ألف ابْن من الْخط وَيكسر التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَمن لم ينون عُزَيْرًا جعله أَيْضا مُبْتَدأ وَابْن صفة لَهُ فيحذف التَّنْوِين على هَذَا اسْتِخْفَافًا ولالتقاء الساكنين وَلِأَن الصّفة والموصوف كاسم وَاحِد وتحذف ألف ابْن من الْخط وَالْخَبَر مُضْمر تَقْدِيره وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله صاحبنا أَو نَبينَا وَيكون هَذَا الْمُضمر هُوَ الْمُبْتَدَأ وعزير خَبره وَيجوز أَن يكون عُزَيْر مُبْتَدأ وَابْن خَبرا ويحذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين إِذْ هُوَ مشبه بحروف الْمَدّ واللين فَتثبت ألف ابْن فِي الْخط إِذا جعلته خَبرا وَأَجَازَ أَبُو حَاتِم أَن يكون عُزَيْر اسْما أعجميا لَا ينْصَرف وَهُوَ بعيد مَرْدُود لِأَنَّهُ لَو كَانَ أعجميا لأنصرف لِأَنَّهُ على ثَلَاثَة أحرف وياء التصغير لَا يعْتد بهَا وَلِأَنَّهُ عِنْد كل النَّحْوِيين عَرَبِيّ مُشْتَقّ من قَوْله تَعَالَى وتعزروه

قَوْله {فِي كتاب الله يَوْم} كتاب مصدر عَامل فِي يَوْم وَلَا يجوز أَن يكون كتاب هُنَا يعْنى بِهِ الذّكر وَلَا غَيره من الْكتب لِأَنَّهُ يمْنَع حِينَئِذٍ أَن يعْمل فِي يَوْم لِأَن الْأَسْمَاء الَّتِي تدل على الْأَعْيَان لَا تعْمل فِي الظروف إِذْ لَيْسَ فِيهَا من معنى الْفِعْل شَيْء فَأَما فِي فَهِيَ مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وَهُوَ صفة لاثني عشر الَّذِي هُوَ خبر لِأَن كَأَنَّهُ قَالَ إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا مثبتة فِي كتاب الله يَوْم خلق وَلَا يحسن أَن تتَعَلَّق فِي بعدة لِأَنَّك تفرق بَين الصِّلَة والموصول بالْخبر وَهُوَ اثْنَا عشر

قَوْله {ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره} إِنَّمَا دخلت إِلَّا لِأَن يَأْبَى فِيهِ معنى الْمَنْع وَالْمَنْع من بَاب النَّفْي فَدخلت إِلَّا للْإِيجَاب وَفِي الْكَلَام حذف تَقْدِيره ويأبى الله كل شَيْء يريدونه من كفرهم إِلَّا أَن يتم نوره فَأن فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاءوَالْهَاء فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يُنْفِقُونَهَا} تعود على الْكُنُوز وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى يكنزون وَقيل تعود على الْأَمْوَال لِأَن الذَّهَب وَالْفِضَّة أَمْوَال وَقيل تعود على الْفضة وَحذف مَا يعود على الذَّهَب لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ وَقيل تعود على الذَّهَب لِأَنَّهُ يؤنث وَيذكر وَقيل تعود على النَّفَقَة وَدلّ على ذَلِك يُنْفقُونَ وَقيل انها تعود على الذَّهَب وَالْفِضَّة بِمَعْنى وَلَا يُنْفِقُونَهَا وَلَكِن اكْتفى برجوعها على الْفضة من رُجُوعهَا على الذَّهَب كَمَا تَقول الْعَرَب أَخُوك وَأَبُوك رأبته يُرِيدُونَ رأيتهماوَالْهَاء فِي {عَلَيْهَا} و {بهَا} تحْتَمل كل وَاحِدَة مِنْهُمَا الْوُجُوه الَّتِي فِي الْهَاء فِي يُنْفِقُونَهَا الْمَذْكُورَة

قَوْله {كَافَّة} مصدر فِي مَوضِع الْحَال بِمَنْزِلَة قَوْلك عافاك الله عَافِيَة وعافيك عَافِيَة ورأيتهم عَامَّة وخاصة

قَوْله {ثمَّ وليتم مُدبرين} نصب مُدبرين على الْحَال الْمُؤَكّدَة وَلَا يجوز أَن تكون الْحَال الْمُطلقَة لِأَن قَوْله ثمَّ وليتم يدل على الاستدبار فالحال الْمُؤَكّدَة لما دلّ عَلَيْهِ صدر الْكَلَام بِمَنْزِلَة قَوْله تَعَالَى وَهُوَ الْحق مُصدقا وَقَوله وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا وكقولك هُوَ زيد مَعْرُوفا

قَوْله {ثَانِي اثْنَيْنِ} نصب ثَانِي على الْحَال من الْهَاء فِي أخرجه وَهِي تعود على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام تَقْدِيره إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا مُنْفَردا من جَمِيع النَّاس إِلَّا أَبَا بكر وَمَعْنَاهُ أحد اثْنَيْنِ وَقيل هُوَ حَال من مُضْمر مَحْذُوف تَقْدِيره فَخرج ثَانِي اثْنَيْنِ وَالْهَاء فِي عَلَيْهِ تعود على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد علم أَنه لَا يضرّهُ شَيْء إِذْ كَانَ خُرُوجه بِأَمْر الله جلّ ذكره لَهُوَأما

قَوْله {ثمَّ أنزل الله سكينته على رَسُوله وعَلى الْمُؤمنِينَ} فالسكينة على الرَّسُول أنزلت يَوْم حنين لِأَنَّهُ خَافَ على الْمُسلمين وَلم يخف على نَفسه فَنزلت عَلَيْهِ السكينَة من أجل الْمُؤمنِينَ لَا من أجل خَوفه على نَفسه

قَوْله {وَكلمَة الله هِيَ الْعليا} كل الْقُرَّاء على رفع كلمة على الِابْتِدَاء وَهُوَ وَجه الْكَلَام وَأتم فِي الْمَعْنى وَقَرَأَ الْحسن وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ بِالنّصب بِجعْل وَفِيه بعد من الْمَعْنى وَمن الْإِعْرَاب أما الْمَعْنى فَأن كلمة الله لم تزل عالية فيبعد نصبها بِجعْل لما فِي هَذَا من ابهام أَنَّهَا صَارَت عَلَيْهِ وَحدث ذَلِك فِيهَا وَلَا يلْزم ذَلِك فِي كلمة الَّذين كفرُوا لِأَنَّهَا لم تزل مجعولة كَذَلِك سفلى بكفرهم وَأما امْتِنَاعه من الْإِعْرَاب فَإِنَّهُ يلْزم أَلا يظْهر الِاسْم وَأَن يُقَال وكلمته هِيَ الْعليا وَإِنَّمَا جَازَ إِظْهَار الِاسْم فِي مثل هَذَا فِي الشّعْر وَقد أجَازه قوم فِي الشّعْر وَغَيره وَفِيه نظر لقَوْله وأخرجت الأَرْض أثقالها

قَوْله {خفافا وثقالا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي انفروا أَي انفروا رجالة وركبانا وَقيل مَعْنَاهُ شبانا وشيوخا

قَوْله {أَن يجاهدوا} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف فِي أَي فِي أَن يجاهدوا وَقيل تَقْدِيره كَرَاهَة أَن يجاهدوا

قَوْله {يبغونكم} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي ولأوضعوا خلالكم وخلالكم نصب على الظّرْف

قَوْله {إِلَّا مَا كتب} مَا فِي مَوضِع رفع بيصيبنا

قَوْله {طَوْعًا أَو كرها} مصدران فِي مَوضِع الْحَال أَي طائعين أَو كارهين

قَوْله {أَن تقبل} أَن فِي مَوضِع نصب بِمَنْع وَأَن فِي قَوْله أَنهم فِي مَوضِع رفع بِمَنْع لِأَنَّهَا فاعلة

قَوْله {قل أذن خير لكم} اذن خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره قل هُوَ أذن خير أَي هُوَ مستمع خير لكم أَي هُوَ مستمع مَا يحب استماعه وقابل مَا يحب قبُوله وَالْمرَاد بالأذن هُنَا جملَة صَاحب الْأذن وَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ أَي هُوَ مستمع خير وَصَلَاح لَا مستمع شَرّ وَفَسَاد

قَوْله {وَرَحْمَة} من رَفعهَا عطفها على أذن أَي هُوَ مستمع خير وَهُوَ رَحْمَة للَّذين آمنُوا فَجعل النَّبِي هُوَ الرَّحْمَة لِكَثْرَة وُقُوعهَا بِهِ وعَلى يَدَيْهِ وَقيل تَقْدِيره وَهُوَ ذُو رَحْمَة وَقد قَرَأَ حَمْزَة بالخفض فِي رَحْمَة عطفا على خير أَي وَهُوَ أذن رَحْمَة أَي مستمع رَحْمَة فَكَمَا أضَاف أذنا إِلَى الْخَيْر أَضَافَهُ إِلَى الرَّحْمَة لِأَن الرَّحْمَة من الْخَيْر وَالْخَيْر من الرَّحْمَة وَلَا يحسن عطف رَحْمَة على الْمُؤمنِينَ لِأَن اللَّام فِي للْمُؤْمِنين زَائِدَة وَتَقْدِيره ويؤمن الْمُؤمنِينَ أَي يُصدقهُمْ وَلَا يحسن وَيصدق الرَّحْمَة إِلَّا أَن تجْعَل الرَّحْمَة هُنَا الْقُرْآن فَيجوز عطفها على الْمُؤمنِينَ وتنقطع مِمَّا قبلهَا وَالتَّفْسِير يدل على أَنَّهَا مُتَّصِلَة بأذن خير لكم لِأَن فِي قِرَاءَة أبي وَابْن مَسْعُود وَرَحْمَة لكم بالخفض وَبِذَلِك قَرَأَ الْأَعْمَش فَهَذَا يدل على الْعَطف على خير وَهُوَ وَجه الْكَلَام

قَوْله {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن الْجُمْلَة الأولى حذفت لدلَالَة الثَّانِيَة عَلَيْهَا تَقْدِيره عِنْده وَالله أَحَق أَن يرضوه وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه فَحذف أَن يرضوه الأول لدلَالَة الثَّانِي فالهاء على قَوْله فِي يرضوه تعود على الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ الْمبرد لَا حذف فِي الْكَلَام لَكِن فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره عِنْده وَالله أَحَق أَن يرضوه وَرَسُوله فالهاء فِي يرضوه عِنْد الْمبرد تعود على الله جلّ ثَنَاؤُهُ وَقَالَ الْفراء الْمَعْنى وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه وَالله افْتِتَاح كَلَام وَيلْزم الْمبرد من قَوْله أَن يجوز مَا شَاءَ الله وشئت بِالْوَاو لِأَنَّهُ يَجْعَل الْكَلَام جملَة وَاحِدَة وَقد نهي عَن ذَلِك إِلَّا بثم وَلَا يلْزم سِيبَوَيْهٍ ذَلِك لِأَنَّهُ يَجْعَل الْكَلَام جملتين فَقَوْل سِيبَوَيْهٍ هُوَ الْمُخْتَار فِي الْآيَة وَالله مُبْتَدأ وَأَن يرضوه بدل وأحق الْخَبَر وان شِئْت كَانَ الله مُبْتَدأ وان يرضوه مُبْتَدأ ثَان وأحق خَبره وَالْجُمْلَة خبر الأول وَمثله فَالله أَحَق أَن تخشوه وَقد مضى شَرحه بأبين من هَذَا

قَوْله {فَأن لَهُ نَار جَهَنَّم} مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن أَن مبدلة من الأولى فِي مَوضِع نصب بيعلموا وَقَالَ الْجرْمِي والمبرد هِيَ مُؤَكدَة للأولى فِي مَوضِع نصب وَالْفَاء زَائِدَة على هذَيْن الْقَوْلَيْنِ وَيلْزم فِي الْقَوْلَيْنِ جَوَاز الْبَدَل والتأكيد قبل تَمام الْمُبدل مِنْهُ وَقبل تَمام الْمُؤَكّد فالقولان عِنْد أهل النّظر ناقصان لِأَن أَن من قَوْله ألم يعلمُوا أَنه لم يتم قبل الْفَاء فَكيف تبدل مِنْهَا أَو تؤكد قبل تَمامهَا وتمامها هُوَ الشَّرْط وَجَوَابه لِأَن الشَّرْط وَجَوَابه خبر أَن وَلَا يتم إِلَّا بِتمَام خَبَرهَا وَقَالَ الْأَخْفَش هِيَ فِي مَوضِع رفع لِأَن الْفَاء قطعت مَا قبلهَا مِمَّا بعْدهَا تَقْدِيره فوجوب النَّار لَهُ وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان أَن خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره فَالْوَاجِب أَن لَهُ نَار جَهَنَّم فالفاء فِي هذَيْن الْقَوْلَيْنِ جَوَاب الشَّرْط وَالْجُمْلَة خبر أَن وَقَالَ غَيرهمَا إِن أَن من فَأن مَرْفُوعَة بالاستقرار على إِضْمَار مجرور بَين الْفَاء وَأَن تَقْدِيره فَلهُ أَن لَهُ نَار جَهَنَّم وَهُوَ قَول الْفَارِسِي واختياره

قَوْله {أَن تنزل} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره من أَن تنزل وَيجوز على قِيَاس قَول الْخَلِيل وسيبويه أَن يكون فِي مَوضِع خفض على ارادة من لِأَن حرف الْجَرّ قد كثر حذفه مَعَ أَن فَعمل مضمرا وَلَا يجوز ذَلِك عِنْدهمَا مَعَ غير أَن لِكَثْرَة حذفه مَعَ أَن خَاصَّة

قَوْله {كَالَّذِين من قبلكُمْ} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وَعدا كَمَا وعد الَّذين من قبلكُمْ

قَوْله {كَمَا استمتع} الْكَاف أَيْضا فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره استمتاعا كاستمتاع الَّذين من قبلكُمْ

قَوْله {وَالَّذين لَا يَجدونَ} الَّذين فِي مَوضِع خفض عطف على الْمُؤمنِينَ وَلَا يحسن عطفه على الْمُطوِّعين لِأَنَّهُ لم يتم اسْما بعد لِأَن فيسخرون عطف على يَلْمِزُونَ هَكَذَا ذكر النّحاس فِي الْإِعْرَاب وَهُوَ عِنْدِي وهم مِنْهُ

قَوْله {خلاف رَسُول الله} مفعول من أَجله وَقيل هُوَ مصدر والخوالف النِّسَاء وَاحِدهَا خالفة وَلَا يجمع فَاعل على فواعل إِلَّا فِي شعر أَو قَلِيل من الْكَلَام قَالُوا فَارس وفوارس وهالك وهوالك وَقد قَالُوا للرجل خالفة وَخَالف إِذا كَانَ غير نجيبوَمن فتح السِّين فِي {دَائِرَة السوء} فَمَعْنَاه الْفساد والرداءة وَمن ضمهَا فَمَعْنَاه الْهَزِيمَة وَالْبَلَاء وَالضَّرَر وَالْمَكْرُوه والدائرة هُوَ مَا يُحِيط بالإنسان حَتَّى لَا يكون لَهُ مِنْهُ مخلص وأضيفت إِلَى السوء وَالسوء على وَجه التَّأْكِيد وَالْبَيَان بِمَنْزِلَة قَوْله شمس النَّهَار وَلَو لم يذكر اللَّيْل لعلم الْمَعْنى كَذَا لَو لم يذكر السوء لعلم الْمَعْنى بِلَفْظ الدائرة فَقَط

قَوْله {مَرَدُوا} نعت لمبتدأ مَحْذُوف تَقْدِيره وَمن أهل الْمَدِينَة قوما مَرَدُوا وَالْمَجْرُور خبر الِابْتِدَاء وَلَا تعلمهمْ نعت أَيْضا للمحذوف

قَوْله {تطهرهُمْ وتزكيهم} حالان من الْمُضمر فِي خُذ وَهُوَ النَّبِي _ صلى الله عليه وسلم _ وَالتَّاء فِي أول الْفِعْلَيْنِ للخطاب وَيجوز أَن يكون تطهرهُمْ نعتا لصدقة وتزكيهم حَالا من الْمُضمر فِي خُذ وَالتَّاء فِي تطهرهُمْ لتأنيث الصَّدَقَة لَا للخطاب وتزكيهم للخطابوَمن همز {مرجون} جعله من أرجأت الْأَمر إِذا أَخَّرته وَمن لم يهمز جعله من الرَّجَاء هَذَا قَول الْمبرد وَقيل هُوَ أَيْضا من التَّأْخِير يُقَال ارجأت الْأَمر وأرجيته بِمَعْنى أَخَّرته لُغَتَانِ

قَوْله {قد نبأنا الله من أخباركم} نبأ بِمَعْنى أعلم وَأَصله أَن يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة مفعولين وَيجوز أَن يقْتَصر على وَاحِد وَلَا يقْتَصر بِهِ على اثْنَيْنِ دون الثَّالِث وَكَذَلِكَ لَا يجوز تَقْدِير زِيَادَة من فِي قَوْله من أخباركم لِأَنَّك لَو قدرت زيادتها لصار نبأ قد تعدى إِلَى مفعولين دون الثَّالِث وَذَلِكَ لَا يجوز وَإِنَّمَا تعدى إِلَى مفعول وَاحِد وَهُوَ نَا ثمَّ تعدى بِحرف جر وَلَو أضمرت مَفْعُولا ثَالِثا لحسن تَقْدِير زِيَادَة من على مَذْهَب الْأَخْفَش لِأَنَّهُ قد أجَاز زِيَادَة من فِي الْجَواب وَيكون التَّقْدِير قد نبأنا الله أخباركم مشروحة

قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا} الَّذين رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر لَا يزَال بنيانهم

قَوْله {ضِرَارًا وَكفرا وَتَفْرِيقًا} {وَإِرْصَادًا} كلهَا انتصبت على الْمصدر وَيجوز أَن تكون مفعولات من أجلهَاوَالْهَاء فِي بُنْيَانه فِي قِرَاءَة من ضم أَو فتح تعود على من هُوَ صَاحب الْبُنيان والبنيان مصدر بنى حكى أَبُو زيد بنيت بنيانا وَبِنَاء وبنية وَقيل الْبُنيان جمع بنيانة كتمرة وتمر

قَوْله {جرف هار} هار أَصله هائر وَقَالَ أَبُو حَاتِم أَصله هاور ثمَّ قلب فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا فَصَارَت الْوَاو وَالْيَاء آخرا فحذفها التَّنْوِين كَمَا حذفت الْوَاو وَالْيَاء من غاز ورام وَذَلِكَ فِي الرّفْع والخفض وَحكى الْكسَائي تهور وتهير وَحكى الْأَخْفَش هرت تهار كخفت تخَاف وَأَجَازَ النحويون أَن يجْرِي هار على الْحَذف وَلَا يقدر الْمَحْذُوف لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله مقلوبا فَيصير كَالصَّحِيحِ تعرب الرَّاء بِوُجُوه الْإِعْرَاب وَلَا يرد الْمَحْذُوف فِي النصب كَمَا يفعل بغاز ورام وَمن رأى هَذَا جعله على وزن فعل كَمَا قَالُوا يَوْم رَاح فَرفعُوا وَهُوَ مقلوب من رائح لكِنهمْ لما كثر استعمالهم لَهُ مقلوبا جَعَلُوهُ فعلا فأعربوه بِوُجُوه الْإِعْرَاب وَيجوز عِنْدهم أَن يجْرِي على الْقيَاس كغاز ورام فَيكون وَزنه فَاعِلا مقلوبا إِلَى فالع ثمَّ يعل لأجل استثقال الْحَرَكَة على حرف الْعلَّة وَدخُول التَّنْوِين كَمَا اعلوا قَوْلهم قَاض ورام وغاز فِي الرّفْع والخفض وصححوه فِي النصب لخفة الْفَتْح

قَوْله {وَعدا عَلَيْهِ حَقًا} مصدران مؤكدان

قَوْله {التائبون} رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هم التائبون أَو على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَقيل الْخَبَر قَوْله الآمرون وَمَا بعده

قَوْله {كَاد يزِيغ قُلُوب} كَاد فِيهَا إِضْمَار الحَدِيث فَلذَلِك ولي كَاد تزِيغ والقلوب رفع بتزيغ وَقيل الْقُلُوب رفع بكاد وتزيغ ينوى بِهِ التَّأْخِير كَمَا أَجَازُوا ذَلِك فِي كَانَ فِي مثل قَوْله مَا كَانَ يصنع فِرْعَوْن وَفِي قَوْله وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا وَقَالَ أَبُو حَاتِم من قَرَأَ يزِيغ بِالْيَاءِ لم يرفع الْقُلُوب بكاد وَقيل ان فِي كَاد اسْمهَا وَهُوَ ضمير الحزب أَو الْفَرِيق أَو الْقَبِيل لتقدم ذكر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ فَرفع الْقُلُوب بتزيغ وَالْيَاء وَالتَّاء فِي تزِيغ سَوَاء لِأَن تذكير الْجمع وتأنيثه جَائِز على معنى الْجمع وعَلى معنى الْجَمَاعَة وَإِنَّمَا جَازَ الْإِضْمَار فِي كَاد وَلَيْسَت مِمَّا يدْخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر لِأَنَّهَا تلْزم الاتيان لَهَا بِخَبَر أبدا فَصَارَت كالداخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر من الْأَفْعَال فَجَاز إِضْمَار اسْمهَا فِيهَا وإضمار الحَدِيث فِيهَا وَلَا يجوز مثل ذَلِك فِي عَسى لِأَنَّهَا قد تَسْتَغْنِي عَن الْخَبَر إِذا وَقعت أَن بعْدهَا وَلِأَن خَبَرهَا لَا يكون إِلَّا أَن وَمَا بعْدهَا وَلَا تقع أَن بعد كَاد خَبرا لَهَا إِلَّا فِي ضَرُورَة شعر وَكَذَلِكَ لَا تحذف أَن بعد عَسى إِلَّا فِي ضَرُورَة شعر

قَوْله {وَاديا} جمعه أَوديَة وَلم يَأْتِ فَاعل وأفعله إِلَّا فِي هَذَا الْحَرْف وَحده

قَوْله {عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} مَا فِي مَوضِع رفع بعزيز وعزيز نعت لرَسُول وَيجوز أَن تكون مَا مُبْتَدأ وعزيز خَبره وَالْجُمْلَة نعت لرَسُول وَيجوز أَن يكون عَزِيز مُبْتَدأ وَمَا فاعلة تسد مسد الْخَبَر وَالْجُمْلَة نعت لرَسُول