نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة غافر آية 16
يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ

التفسير الميسر يوم القيامة تظهر الخلائق أمام ربهم، لا يخفى على الله منهم ولا مِن أعمالهم التي عملوها في الدنيا شيء، يقول الله سبحانه: لمن الملك والتصرف في هذا اليوم؟ فيجيب نفسه: لله المتفرد بأسمائه وصفاته وأفعاله، القهَّار الذي قهر جميع الخلائق بقدرته وعزته.

تفسير الجلالين
16 - (يوم هم بارزون) خارجون من قبورهم (لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم) يقوله تعالى ويجيب نفسه (لله الواحد القهار) لخلقه

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {هو الذي يريكم آياته} أي دلائل توحيده وقدرته {وينزل لكم من السماء رزقا} جمع بين إظهار الآيات وإنزال الرزق؛ لأن بالآيات قوام الأديان، وبالرزق قوام الأبدان.
وهذه الآيات هي السموات والأرضون وما فيهما وما بينهما من الشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب والبخار والأنهار والعيون والجبال والأشجار وآثار قوم هلكوا.
{وما يتذكر} أي ما يتعظ بهذه الآيات فيوحد الله {إلا من ينيب} أي يرجع إلى طاعة الله.
{فادعوا الله} أي اعبدوه {مخلصين له الدين} أي العبادة.
وقيل : الطاعة.
{ولو كره الكافرون} عبادة الله فلا تعبدوا أنتم غيره.
قوله تعالى: {رفيع الدرجات ذو العرش} {ذو العرش} على إضمار مبتدأ.
قال الأخفش : ويجوز نصبه على المدح.
ومعنى {رفيع الدرجات} أي رفيع الصفات.
وقال ابن عباس والكلبي وسعيد بن جبير : رفيع السموات السبع.
وقال يحيى بن سلام : هو رفعة درجة أوليائه في الجنة فـ {رفيع} على هذا بمعنى رافع فعيل بمعنى فاعل.
وهو على القول الأول من صفات الذات، ومعناه الذي لا أرفع قدرا منه، وهو المستحق لدرجات المدح والثناء، وهي أصنافها وأبوابها لا مستحق لها غيره قاله الحليمي.
وقد ذكرناه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى والحمد لله.
{ذو العرش} أي خالقه ومالكه لا أنه محتاج إليه.
وقيل : هو من قولهم : ثل عرش فلان أي زال ملكه وعزه، فهو سبحانه {ذو العرش} بمعنى ثبوت ملكه وسلطانه وقد بيناه في الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى.
{يلقي الروح} أي الوحي والنبوة {على من يشاء من عباده} وسمي ذلك روحا لأن الناس يحيون به؛ أي يحيون من موت الكفر كما تحيا الأبدان بالأرواح.
وقال ابن زيد : الروح القرآن؛ قال الله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} [الشورى : 52].
وقيل : الروح جبريل؛ قال الله تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك} [الشعراء : 193] وقال: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق}[النحل : 102].
{من أمره} أي من قوله.
وقيل : من قضائه.
وقيل: {من} بمعنى الباء أي بأمره.
{على من يشاء من عباده} وهم الأنبياء يشاء هو أن يكونوا أنبياء وليس لأحد فيهم مشيئة.
{لينذر يوم التلاق} أي إنما يبعث الرسول لإنذار يوم البعث.
فقوله:{لينذر} يرجع إلى الرسول.
وقيل : أي لينذر الله ببعثه الرسل إلى الخلائق {يوم التلاق}.
وقرأ ابن عباس والحسن وابن السميقع {لتنذر} بالتاء خطابا للنبي عليه السلام.
{يوم التلاق} قال ابن عباس وقتاده : يوم تلتقي أهل السماء وأهل الأرض.
وقال قتادة أيضا وأبو العالية ومقاتل : يلتقي فيه الخلق والخالق.
وقيل : العابدون والمعبودون.
وقيل : الظالم والمظلوم.
وقيل : يلقى كل إنسان جزاء عمله.
وقيل : يلتقي الأولون والآخرون على صعيد واحد؛ روي معناه عن ابن عباس.
وكله صحيح المعنى.
قوله تعالى: {يوم هم بارزون} يكون بدلا من يوم الأول.
وقيل: {هم} في موضع رفع بالابتداء و{بارزون} خبره والجملة في موضع خفض بالإضافة؛ فلذلك حذف التنوين من {يوم} وإنما يكون هذا عند سيبويه إذا كان الظرف بمعنى إذ؛ تقول لقيتك يوم زيد أمير.
فإن كان بمعنى إذا لم يجز نحو أنا ألقاك يوم زيد أمير.
ومعنى: {بارزون} خارجون من قبورهم لا يسترهم شيء؛ لأن الأرض يومئذ قاع صفصف لا عوج فيها ولا أمتا على ما تقدم في {طه} بيانه.
{لا يخفى على الله منهم شيء} قيل : إن هذا هو العامل في {يوم هم بارزون} أي لا يخفى عليه شيء منهم ومن أعمالهم {يوم هم بارزون}.
{لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} وذلك عند فناء الخلق.
وقال الحسن : هو السائل تعالى وهو المجيب؛ لأنه يقول ذلك حين لا أحد يجيبه فيجيب نفسه سبحانه فيقول: {لله الواحد القهار}.
النحاس : وأصح ما قيل فيه ما رواه أبو وائل عن ابن مسعود قال : (يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة لم يعص الله جل وعز عليها، فيؤمر مناد ينادي {لمن الملك اليوم} فيقول العباد مؤمنهم وكافرهم {لله الواحد القهار} فيقول المؤمنون هذا الجواب} سرورا وتلذذا، ويقوله الكافرون غما وانقيادا وخضوعا.
فأما أن يكون هذا والخلق غير موجودين فبعيد؛ لأنه لا فائدة فيه، والقول صحيح عن ابن مسعود وليس هو مما يؤخذ بالقياس ولا بالتأويل.
قلت : والقول الأول ظاهر جدا؛ لأن المقصود إظهار انفراده تعالى بالملك عند انقطاع دعاوى المدعين وانتساب المنتسبين؛ إذ قد ذهب كل ملك وملكه ومتكبر وملكه وانقطعت نسبهم ودعاويهم، ودل على هذا قوله الحق عند قبض الأرض والأرواح وطي السماء {أنا الملك أين ملوك الأرض} كما تقدم في حديث أبي هريرة وفي حديث ابن عمر، ثم يطوي الأرض بشماله والسموات بيمينه، ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون.
وعنه قوله سبحانه: {لمن الملك اليوم} هو انقطاع زمن الدنيا وبعده يكون البعث والنشر.
قال محمد بن كعب قوله سبحانه: {لمن الملك اليوم} يكون بين النفختين حين فني الخلائق وبقي الخالق فلا يرى غير نفسه مالكا ولا مملوكا فيقول: {لمن الملك اليوم} فلا يجيبه أحد؛ لأن الخلق أموات فيجيب نفسه فيقول: {لله الواحد القهار} لأنه بقي وحده وقهر خلقه.
وقيل : إنه ينادي مناد فيقول: {لمن الملك اليوم} فيجيبه أهل الجنة {لله الواحد القهار} فالله أعلم.
ذكره الزمخشري.
قوله تعالى: {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} أي يقال لهم إذا أقروا بالملك يومئذ لله وحده {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} من خير أوشر.
{لا ظلم اليوم} أي لا ينقص أحد شيئا مما عمله.
{إن الله سريع الحساب} أي لا يحتاج إلى تفكر وعقد يد كما يفعله الحساب؛ لأنه العالم الذي لا يعزب عن علمه شيء فلا يؤخر جزاء أحد للاشتغال بغيره؛ وكما يرزقهم في ساعة واحدة يحاسبهم كذلك في ساعة واحدة.
وقد مضى هذا المعنى في {البقرة}.
وفي الخبر : ولا ينتصف النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن عظمته وكبريائه، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته، كالسقف لها كما قال تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}. وقد ذكر غير واحد أن العرش من ياقوتة حمراء اتساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة، وقوله تعالى: {يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده}، كقوله جلت عظمته: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أن لا إله إلا أنا فاتقون}، وكقوله تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين} ولهذا قال عزَّ وجلَّ: {لينذر يوم التلاق}، قال ابن عباس: {يوم التلاق} اسم من أسماء يوم القيامة حذر اللّه منه عباده، يلتقي فيه آدم وآخر ولده، وقال ابن زيد: يلتقي فيه العباد. وقال قتادة والسدي: يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض والخالق والخلق، وقال ميمون بن مهران: يلتقي الظالم والمظلوم، وقد يقال إن يوم التلاق يشمل هذا كله ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمله من خير وشر كما قاله آخرون، وقوله جلَّ جلاله: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيء} أي ظاهرون بادون كلهم، لا شيء يكنهم ولا يظلهم ولا يسترهم، {لمن الملك اليوم؟ للّه الواحد القهار} قد تقدم في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده، ثم يقول: أنا الملك، أنا الجبار، أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ وفي حديث الصور أنه عزَّ وجلَّ إذا قبض أرواح جميع خلقه فلم يبق سواه وحده لا شريك له، حينئذ يقول: {لمن الملك اليوم}؟ ثلاث مرات، ثم يجيب نفسه قائلاً: {للّه الواحد القهار} أي الذي قهر كل شيء وغلبه، وقد قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: ينادي مناد بين يدي الساعة يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات، قال، وينزل اللّه عزَّ وجلَّ إلى السماء الدنيا ويقول: {لمن الملك اليوم، للّه الواحد القهار} "أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفاً" وقوله جلّت عظمته: {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن اللّه سريع الحساب} يخبر تعالى عن عدله بين خلقه، أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها وبالسيئة واحدة، ولهذا قال تبارك وتعالى: {لا ظلم اليوم} كما ثبت في صحيح مسلم: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا - إلى أن قال - يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد اللّه تبارك وتعالى، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه). وقوله عزَّ وجلَّ: {إن اللّه سريع الحساب} أي يحاسب الخلائق كلهم كما يحاسب نفساً واحدة، كما قال جلَّ وعلا: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি