نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الرحمن آية 38
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير الميسر فبأي نِعَم ربكما- أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تفسير الجلالين
38 - (فبأي آلاء ربكما تكذبان)

تفسير القرطبي
قوله تعالى: ‏{‏فإذا انشقت السماء‏}‏ أي انصدعت يوم القيامة ‏{‏فكانت وردة كالدهان‏}‏ الدهان الدهن، عن مجاهد والضحاك وغيرهما‏.
‏ والمعنى أنها صارت في صفاء الدهن، والدهان على هذا جمع دهن‏.
‏ وقال سعيد بن جبير وقتادة‏:‏ المعنى فكانت حمراء‏.
‏ وقيل‏:‏ المعنى تصير في حمرة الورد وجريان الدهن، أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها‏.
‏ وقيل‏:‏ الدهان الجلد الأحمر الصرف، ذكره أبو عبيد والفراء‏.
‏ أي تصير السماء حمراء كالأديم لشدة حر النار‏.
‏ ابن عباس‏:‏ المعنى فكانت كالفرس الورد، يقال للكميت‏:‏ ورد إذا كان يتلون بألوان مختلفة‏.
‏ قال ابن عباس‏:‏ الفرس الورد، في الربيع كميت أصفر، وفي أول الشتاء كميت أحمر، فإذا اشتد الشتاء كان كميتا أغبر‏.
‏ وقال الفراء‏:‏ أراد الفرس الوردية، تكون في الربيع وردة إلى الصفرة، فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء، فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة، فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل‏.
‏ وقال الحسن: ‏{‏كالدهان‏}‏ أي كصب الدهن فإنك إذا صببته ترى فيه ألوانا‏.
‏ وقال زيد بن أسلم‏:‏ المعنى أنها تصير كعكر الزيت، وقيل‏:‏ المعنى أنها تمر وتجيء‏.
‏ قال الزجاج‏:‏ أصل الواو والراء والدال للمجيء والإتيان‏.
‏ وهذا قريب مما قدمناه من أن الفرس الوردة تتغير ألوانها‏.
‏ وقال قتادة‏:‏ إنها اليوم خضراء وسيكون لها لون أحمر، حكاه الثعلبي‏.
‏ وقال الماوردي‏:‏ وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق، وشبهوا ذلك بعروق البدن، وهي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء، فإن كان هذا صحيحا فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء، لأنه أصل لونها‏.
‏ والله أعلم‏.
‏ قوله تعالى: ‏{‏فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان‏}‏ هذا مثل قوله تعالى: ‏{‏ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون‏} [‏القصص‏:‏ 78‏]‏ وأن القيامة مواطن لطول ذلك اليوم، فيسأل في بعض ولا يسأل في بعض، وهذا قول عكرمة‏.
‏ وقيل‏:‏ المعنى لا يسألون إذا استقروا في النار‏.
‏ وقال الحسن وقتادة‏:‏ لا يسألون عن ذنوبهم، لأن الله حفظها عليهم، وكتبتها عليهم الملائكة‏.
‏ رواه العوفي عن ابن عباس‏.
‏ وعن الحسن ومجاهد أيضا‏:‏ المعنى لا تسأل الملائكة عنهم، لأنهم يعرفونهم بسيماهم، دليله ما بعده‏.
‏ وقال مجاهد عن ابن عباس‏.
‏ وعنه أيضا في قوله تعالى: ‏{‏فوربك لنسألنهم أجمعين‏}‏ [الحجر‏:‏ 92‏]‏ وقوله‏{‏فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان‏}‏ وقال‏:‏ لا يسألهم ليعرف ذلك منهم، لأنه أعلم بذلك منهم، ولكنه يسألهم لم عملتموها سؤال توبيخ‏.
‏ وقال أبو العالية‏:‏ لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم‏.
‏ وقال قتادة‏:‏ كانت المسألة قبل، ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت الجوارح شاهدة عليهم‏.
‏ وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال: [‏فيلقي العبد فيقول أي فلان: ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع، فيقول بلى، فيقول: أفظننت أنك ملاقي، فيقول لا فيقول إني أنساك كما نسيتني، ثم يلقي الثاني فيقول له مثل ذلك بعينه ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول ها هنا إذا ثم يقال له الآن نبعث شاهدنا عليك فيفتكر في نفسه: من هذا الذي يشهد؟! علي فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه‏}‏ وقد مضى هذا الحديث في حم السجدة وغيرها‏.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {فإذا انشقت السماء} يوم القيامة كما دلت عليه الآيات الواردة في معناها، كقوله تعالى: {وانشقت السماء فهي يومئذ واهية}، وقوله: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً}، وقوله: {إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت}، وقوله تعالى: {فكانت وردة كالدهان} أي تذوب كما يذوب الدُّردِي الدردي: ما يركد في أسفل كل مائع كالشراب والأدهان والفضة في السبك، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها، فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء، وذلك من شدة الأمر وهول يوم القيامة العظيم. عن أنَس بن مالك قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم) ""رواه الإمام أحمد من حديث أنَس بن مالك قال الجوهري: الطش المطر الضعيف، وقال ابن عباس: {وردة كالدهان} كالأديم الأحمر، وعنه كالفرس الورد، وقال أبو صالح: كالبرذون الورد، ثم كانت بعد كالدهان، وقال الحسن البصري: تكون ألواناً، وقال السدي: تكون كلون البغلة الوردة، وتكون كالمهل كدردي الزيت، وقال مجاهد: {كالدهان} كألوان الدهان، وقال عطاء الخُراساني: كلون دهن الورد في الصفرة، وقال قتادة: هي اليوم خضراء ويومئذ لونها إلى الحمرة يوم ذي ألوان، وقال أبو الجوزاء، في صفاء الدهن، وقال ابن جريج: تصير السماء كالدهان الذائب، وذلك حين يصيبها حر جهنم، وقوله تعالى: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان}، وهذه كقوله تعالى: {هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون} فهذا في حال، و(ثَمَّ) في حال، يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم، قال اللّه تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون}، ولهذا قال قتادة {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان}، قال: قد كانت مسألة ثم ختم على أفواه القوم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، قال ابن عباس: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا، فهذا قول ثان، وقال مجاهد في هذه الآية: لا تسأل الملائكة عن المجرمين بل يعرفون بسيماهم، وهذا قول ثالث، وكأن هذا بعد ما يؤمر بهم إلى النار فذلك الوقت لا يسألون عن ذنوبهم، بل يقادون إليها ويلقون فيها كما قال تعالى: {يعرف المجرمون بسيماهم} أي بعلامات تظهر عليهم، وقال الحسن وقتادة: يعرفون باسوداد الوجوه وزرقة العيون، قلت : وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء. وقوله تعالى: {فيؤخذ بالنواصي والأقدام} أي يجمع الزبانية ناصيته مع قدميه ويلقونه في النار كذلك، وقال ابن عباس: يؤخذ بناصيته وقدميه فيكسر كما يكسر الحطب في التنور، وقال الضحّاك: يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره، وقال السدي: يجمع بين ناصية الكافر وقدميه فتربط ناصيته بقدمه ويفتل ظهره، وقوله تعالى: {هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون} أي هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها، ها هي حاضرة تشاهدونها عياناً، يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً وتحقيراً، وقوله تعالى: {يطوفون بينها وبين حميم آن} أي تارة يعذبون في الحجيم، وتارة يسقون من الحميم، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب يقطع الأمعاء والأحشاء، وهذه كقوله تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون}. وقوله تعالى: {آن} أي حار قد بلغ الغاية في الحرارة قال ابن عباس: قد انتهى غليه واشتد حرّه، وقال محمد بن كعب القرظي: يؤخذ العبد فيحرك بناصيته في ذلك الحميم، حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس، وهي كالتي يقول اللّه تعالى: {في الحميم ثم في النار يسجرون} فقوله {حميم آن} أي حميم حار جداً، ولما كان معاقبة العصاة المجرمين، وتنعيم المتقين من فضله ورحمته، وكان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه، مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي، قال ممتناً بذلك على بريته: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؟

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি