مشكل إعراب القرآن

25 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْفرْقَان

قَوْله تَعَالَى {تبَارك} هُوَ تفَاعل من الْبركَة وَالْبركَة الْكَثْرَة من كل خير وَمَعْنَاهُ تَعَالَى عطاؤه أَي زَاد وَكثر وَقيل مَعْنَاهُ دَان وَثَبت إنعامه وَهُوَ من برك الشَّيْء اذا ثَبت

قَوْله {ليَكُون للْعَالمين} الضَّمِير فِي يكون للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقيل للفرقان

قَوْله {وَقَالُوا أساطير الْأَوَّلين} يخاطبون مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَام بذلك وَوَاحِد أساطير أسطورة وَقيل وَاحِدهَا أسطار بِمَنْزِلَة أَقْوَال وأقاويل

قَوْله {ثبورا} مصدر وَقيل هُوَ مفعول بِهِ

قَوْله {مَا لهَذَا الرَّسُول} وَقعت اللَّام مُنْفَصِلَة فِي الْمُصحف وَعلة ذَلِك أَنه كتب على لفظ المملي كَأَنَّهُ كَانَ يقطع لَفظه فَكتب الْكَاتِب على لَفظهوَقَالَ الْفراء أَصله مَا بَال هَذَا ثمَّ حذفت با فَبَقيت اللَّام مُنْفَصِلَة وَقيل إِن أصل حُرُوف الْجَرّ أَن تَأتي مُنْفَصِلَة مِمَّا بعْدهَا نَحْو فِي وَعَن وعَلى فَأتى مَا هُوَ على حرف على قِيَاس مَا هُوَ على حرفين وَمثله {فَمَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم} و {فَمَال الَّذين كفرُوا}

قَوْله {قل أذلك خير أم جنَّة الْخلد} قيل هُوَ مَرْدُود على

قَوْله {إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك جنَّات} فَرد فِي الْجنَّة على مَا لَو شَاءَ تَعَالَى كَونه فِي الدُّنْيَا فَذَلِك اشارة الى مَا ذكر من الجنات والقصور فِي الدُّنْيَا وَقيل هُوَ مَرْدُود على مَا قبله من ذكر السعير وَالنَّار وَجَاز التَّفْضِيل بَينهمَا على مَا جَاءَ عَن الْعَرَب حكى سِيبَوَيْهٍ الشَّقَاء أحب إِلَيْك أم السَّعَادَة وَلَا يجوز عِنْد النحوين السَّعَادَة خير من الشَّقَاء لِأَنَّهُ لاخير فِي الشَّقَاء فَيَقَع فِيهِ التَّفَاضُل وانما يَأْتِي أفعل أبدا فِي التَّفْضِيل بَين شَيْئَيْنِ فِي خير أَو شَرّ وَفِي أَحدهمَا من الْفضل أَو من الشَّرّ ماليس فِي الآخر وَكِلَاهُمَا فِيهِ فضل اَوْ شَرّ إِلَّا أَن أَحدهمَا أَكثر من الآخر فضلا أَو شرا وَقد أجَاز الْكُوفِيُّونَ الْعَسَل أحلى من الْخلّ وَلَا حلاوة فِي الْخلّ فيفاضل بَينه وَبَين حلاوة الْعَسَل وَلَا يُجِيز هَذَا البصريون وَلَا يجوز الْمُسلم خير من النَّصْرَانِي إِذْ لَا هير فِي النَّصْرَانِي وَلَو قلت الْيَهُودِيّ خير من النَّصْرَانِي لم يجز إِذْ لَا خير فِي وَاحِد مِنْهُمَا فان قلت الْيَهُودِيّ شَرّ من النَّصْرَانِي جَازَ إِذْ الشَّرّ فيهمَا مَوْجُود وَقد يكون أَحدهمَا أَكثر شراقولة {لَا بشرى يَوْمئِذٍ للمجرمين} لَا يجوز أَن يعْمل لَا بشرى فِي يَوْمئِذٍ إِذا جعلت لَا وبشرى مثل لَا رجل وبنيت على الْفَتْح وَلَكِن تجْعَل يَوْمئِذٍ خَبرا لبشرى لِأَن الظروف تكون خَبرا عَن المصادر و {للمجرمين} صفة لبشرى أَو تبيينا لَهُ وَيجوز أَن تجْعَل للمجرمين خَبرا لبشرى و {يَوْمئِذٍ} تبيينا لبشرى وَإِن قدرت أَن بشرى غير مَبْنِيَّة مَعَ لَا جَازَ أَن تعملها فِي يَوْمئِذٍ لِأَن الْمعَانِي تعْمل فِي الظروف

قَوْله {الْملك يَوْمئِذٍ الْحق للرحمن} يجوز أَن تنصب يَوْمئِذٍ بِالْملكِ فَهُوَ فِي صلته مثل

قَوْله {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ} وَيجوز نصب يَوْمئِذٍ بالرحمن تقدر فِي الظّرْف التَّأْخِير تَقْدِيره الْملك الْحق للرحمن يَوْمئِذٍ أَي الْملك الْحق لمن يرحم يَوْمئِذٍ عباده الْمُؤمنِينَ

قَوْله {يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة لَا بشرى} الْعَامِل فِي يَوْم مَحْذُوف تَقْدِيره يمْنَعُونَ الْبشَارَة يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة وَلَا يعْمل فِيهِ لَا بشرى لِأَن مَا بعد النَّفْي لَا يعْمل فِيمَا قبله وَقيل التَّقْدِير وَاذْكُر يَا مُحَمَّد يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة و {الْملك} مُبْتَدأ و {الْحق} نَعته و {للرحمن} الْخَبَر وَأَجَازَ الزّجاج الْحق بِالنّصب على الْمصدر فَيكون {للرحمن} خبر {الْملك}

قَوْله {حجرا} نصب على الْمصدر

قَوْله {وَقوم نوح} عطف على الضَّمِير فِي دمرناهم وَقيل انتصب على اذكر وَقيل على اضمار فعل يفسره أغرقناهم أَي وأغرقنا قوم نوح لما كذبُوا الرُّسُل أغرقناهم

وَقَوله {وعادا وَثَمُود} وَمَا بعده كُله عطف على قوم نوح اذا نصبتهم باضمار اذكر أَو على الْعَطف على الْمُضمر فِي دمرناهم وَلَا يجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على الضَّمِير فِي جعلناهم

قَوْله {وكلا ضربنا لَهُ الْأَمْثَال} كلا نصب باضمار فعل تَقْدِيره وأنذرنا كلا ضربنا لَهُ الْأَمْثَال لِأَن ضرب الْأَمْثَال أعظم الانذار فَجَاز أَن يكون تَفْسِيرا لأنذرنا

قَوْله {بعث الله رَسُولا} نصب على الْحَال وَقيل على الْمصدر وَهُوَ بِمَعْنى رِسَالَة

قَوْله {إِن كَاد ليضلنا} تَقْدِيره عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِنَّه كَاد ليضلنا وَعند الْكُوفِيّين مَا كَاد إِلَّا يضلنا فَاللَّام بِمَعْنى الا عِنْدهم وَإِن بِمَعْنى مَا وَهِي مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَاللَّام لَام التَّأْكِيد

قَوْله {لَوْلَا أَن صَبرنَا} أَن فِي مَوضِع رفع وَقد تقدم شرحها

قَوْله {وأناسي كثيرا} وَاحِد أناسي إنسي وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون وَاحِدهَا إنْسَانا وَأَصله عِنْده أناسين ثمَّ أبدل من النُّون يَاء وَلَا قِيَاس يسعده فِي ذَلِك وَلَو جَازَ هَذَا لجَاز فِي جمع سرحان سراحي وَذَلِكَ لَا يُقَال

قَوْله {إِلَّا من شَاءَ أَن يتَّخذ} من فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الْجِنْس الأول وَأَن فِي مَوضِع نصب شَاءَ بِمَعْنى الا من شَاءَ الاتخاذ

قَوْله {الرَّحْمَن فاسأل بِهِ خَبِيرا} الرَّحْمَن فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ الرَّحْمَن وَقيل الرَّحْمَن مُبْتَدأ و {فاسأل} الْخَبَر وَقيل هُوَ بدل من الْمُضمر فِي اسْتَوَى وَيجوز الْخَفْض على الْبَدَل من الْحَيّ وَيجوز النصب على الْمَدْح و {خَبِيرا} نصب بقوله {فاسأل} وَهُوَ نعت لمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ فاسأل عَنهُ انسانا خَبِيرا وَقد قيل الْخَبِير هُوَ الله لَا اله الا هُوَ فَيكون التَّقْدِير فاسأل عَنهُ مخبرا خَبِيرا وَلَا يحسن أَن يكون خَبِيرا حالالأنك ان جعلته حَالا من الْمُضمر فِي فاسأل لم يجز لِأَن الْخَبِير لَا يحْتَاج أَن يسْأَل غَيره عَن شَيْء وانما يحْتَاج ان يسْأَل هُوَ عَن الْأُمُور لخبره بهَا فان جعلته حَالا من الْمُضمر فِي بِهِ لم يجز لِأَن المسؤول عَنهُ وَهُوَ الرَّحْمَن خَبِير أبدا وَالْحَال أَكثر أمرهَا أَنَّهَا لما ينْتَقل ويتغير فان جَعلتهَا الْحَال الْمُؤَكّدَة الَّتِي لَا تنْتَقل مثل {وَهُوَ الْحق مُصدقا} و {وَهَذَا صِرَاط رَبك مُسْتَقِيمًا} جَازَ وَفِيه نظر

قَوْله {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ} عباد رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر الَّذين يَمْشُونَ وَقَالَ الْأَخْفَش الَّذين يَمْشُونَ نعت للعباد وَالْخَبَر مَحْذُوف وَقَالَ الزّجاج الَّذين يَمْشُونَ نعت وَالْخَبَر أُولَئِكَ يجزون الغرفة

قَوْله {قَالُوا سَلاما} نصب على الْمصدر وَمَعْنَاهُ تَسْلِيمًا فأعمل القَوْل فِيهِ لِأَنَّهُ لم يحك قَوْلهم بِعَيْنِه انما حكى معنى قَوْلهم وَلَو حكى قَوْلهم بِعَيْنِه لَكَانَ محكيا وَلم يعْمل فِيهِ القَوْل فانما أخبر تَعَالَى ذكره أَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم اذا خاطبهم الجاهلون بِاللَّه بِمَا يكْرهُونَ قَالُوا سدادا من القَوْل لم يجاوبوهم بِلَفْظ سَلام بِعَيْنِه وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا مَنْسُوخ لِأَن الايه نزلت بِمَكَّة قبل أَن يؤمروا بِالْقِتَالِ وَمَا تكلم سِيبَوَيْهٍ فِي شَيْء من النَّاسِخ والمنسوخ غير هَذِه الْآيَة فَهُوَ من التسلم وَلَيْسَ من التَّسْلِيم قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَلم يُؤمر الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ أَن يسلمُوا على الْمُشْركين فاستدل سِيبَوَيْهٍ بذلك أَنه من التسلم وَهُوَ الْبَرَاءَة من الشَّرّ وَلَيْسَ من التَّسْلِيم الَّذِي هُوَ التَّحِيَّة

قَوْله {وَكَانَ بَين ذَلِك قواما} اسْم كَانَ مُضْمر فِيهَا وَالتَّقْدِير كَانَ الانفاق بَين ذَلِك قواما وقواما خبر كَانَ وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون {بَين ذَلِك} اسْم كَانَ وَهُوَ مَفْتُوح كَمَا قَالَ {وَمنا دون ذَلِك} فدون عِنْده مُبْتَدأ وَهُوَ مَفْتُوح وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ أَلْفَاظ كثر اسْتِعْمَال الْفَتْح فِيهَا فَتركت على حَالهَا فِي مَوضِع الرّفْع وَكَذَا يَقُول فِي

قَوْله {لقد تقطع بَيْنكُم} هُوَ مَرْفُوع بتقطع وَلكنه ترك مَفْتُوحًا لِكَثْرَة وُقُوعه كَذَلِك والبصريون على خِلَافه فِي ذَلِك

قَوْله {يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ويخلد فِيهِ} من جزم جعله بَدَلا من يلق لِأَنَّهُ جَوَاب الشَّرْط وَلِأَن لِقَاء الأثام هُوَ تَضْعِيف الْعَذَاب وَالْخُلُود فأبدل مِنْهُ اذ الْمَعْنى يشْتَمل بعضه على بعض وعَلى هَذَا الْمَعْنى يجوز بدل الْأَفْعَال بَعْضهَا من بعض فان تباينت مَعَانِيهَا لم يجز بدل بَعْضهَا من بعض وَمن رفع فعلى الْقطع أَو على الْحَال

قَوْله {متابا} مصدر فِيهِ معنى التوكيد لِأَنَّهُ أَتَى بعد لفظ فعله

قَوْله {كراما} و {صمًّا وعميانا} كلهَا أَحْوَال

قَوْله {فَسَوف يكون لزاما} اسْم كَانَ مُضْمر فِيهِ و {لزاما} الْخَبَر وَالتَّقْدِير فَسَوف يكون جَزَاء التَّكْذِيب عذَابا لَازِما قيل ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَهُوَ مَا نزل بهم يَوْم بدر من الْقَتْل والأسر وَقيل ذَلِك فِي الْآخِرَة وَقَالَ الْفراء فِي يكون مَجْهُول وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَن الْمَجْهُول إِنَّمَا يُفَسر بالجمل لَا بالمفردات