كراء الأرض بالنقد، المزارعة الفاسدة

ما كنا نرى بالمزارعة بأسا حتى سمعت رافع بن خديج يقول:
إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عنها.
فذكرته لطاووس فقال: قال لي أعلمهم " يقصد ابن عباس ": إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم ينه عنها، ولكن قال: " لان يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجا معلوما ". رواه الخمسة.
كراء الأرض بالنقد:
تجوز المزارعة بالنقد وبالطعام وبغيرهما مما يعد مالا، فعن حنظلة بن قيس، رضيا لله عنه، قال: سألت رافع ابن خديج عن كراء الارض فقال: نهى رسول الله، صلى عليه وسلم، عنه فقلت: بالذهب والورق؟ فقال: أما بالذهب والورق فلا بأس به.
رواه الخمسة إلا الترمذي، وهذا مذهب أحمد وبعض المالكية والشافعية.
قال النووي: وهذا هو الراجح المختار من جميع الاقوال.
المزارعة الفاسدة:
سبق أن قلنا إن المزارعة الصحيحة هي إعطاء الارض

لمن يزرعها على أن يكون له نصيب مما يخرج منها، كالثلث والربع ونحو ذلك، أي أن يكون نصيبه غير معين.
فإذا كان نصيبه معينا بأن يحدد مقدارا معينا مما تخرج الارض، أو يحدد قدرا معينا من مساحة الارض
تكون غلتهاله، والباقي يكون للعامل أو يشتر كان فيه: فإن المزارعة في هذه الحال تكون فاسدة، لما فيها من الغرر ولانها تفضي إلى النزاع.
روى البخاري عن رافع بن خديج قال: " كنا أكثر أهل الارض (أي المدينة) مزروعا.
كنا نكري الارض بالناحية منها تسمى لسيد الارض، فربما يصاب ذلك وتسلم الارض، وربما تصاب الارض ويسلم ذلك، فنهينا ".
وروي أيضا عنه: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: " ما تصنعون بمحاقلكم " - المزارع.
قالوا: نؤجرها على الربع، وعلى الاوسق من التمر والشعير.
قال: " لا تفعلوا ".

وروى مسلم عنه قال: وإنما كان الناس يؤجرون على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بما على الماديانات - ما ينبت على حافة النهر ومسايل الماء وأقيال الجداول - أوائل السواقي - وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كري إلا هذا، فلذلك زجر عنه.